شرح التلقين (صفحة 1720)

وإذا عقد العقد على حميل معين أو رهن معيّن، فإنّ المعروف من المذهب أنّ الحميل إذا مات قبل أن يقبَل، والرّهن إذا هلك قبل أن يُقبَض، وقد عقد الأمر فيهما على ما يجوز، فإنّ البائع بالخيار بين إمضاء البيع أو ردّه، كما لو اطّلع على عيب في الثّمن.

ورأى أشهب أن لا خيار للبائع كما لو هلك الرّهن المعيّن بعد أن قبض، أو مات الحميل المعيّن بعد أن قبل. وأشار إلى أنّ ذلك إذا كان حاضرًا أو قريب الغيبة كالمقبوض.

وهذا لا وجه له, لأن التّمكين من الرّهن والتزام الحمالة إذا لم يمكن ولا مضى زمن إمكان ذلك فيه، لم يَصحّ أن يقدر كالمقبوض. ولو قدّر كالمقبوض لوجب على مشتري سلعة غائبة بمكان قريب أن ينقد، وإن كان التّسليم لا يمكن لأجل أنّ القرب يعدّ كالقبض، والمشتري إذا قبض وجب عليه نقد الثّمن. وهذا التّقدير لا يصحّ لكونه خارجًا عن الأصول.

وإذا قلنا بالطّريقة المعروفة من كون البائع لا يلزمه البيع إذا هلك الرّهن قبل القبض وقبل أن يمكّن منه، بل له الخيار في إمضاء البيع أو ردّه، فأراد المشتري أن يرفع خياره بأن يأتي برهن عوض الرّهن المعيّن الّذي تلف، أو بحميل عوض الحميل المعيّن الّذي مات، فإنّ في هذا قولين:

أحدهما أنّ هذا لا يرفع خيار البائع لفقده ما عيّنه باشتراطه، فلم يلزم عينًا أخرى، كما لا يلزم من اشترى سلعة معيّنة أن يأخذ عنها مثلها. وكأنّ من ذهب إلى التّفرقة بين البيع والرّهن في هذا يرى أنّ الغرض من الرّهن والحميل التوثّق. فإذا عوّض عن شيء من هذا مثله وما يسدّ مسدّه، لم يكن لتخيير البائع معنى. لكن لو اختلف العرْض في الرّهنين بأن يكون أحدهما عبدًا فمات، فإنّه لا يلزم البائع أن يقبل عوضًا منه ثوبًا لكونه يضمن الثّوب المرتهن ولا يضمن العبد المرتهن، وله غرض صحيح في إسقاط الضّمان عنه. ولو كان الأمر بالعكس فكان الرّهن ثوبًا فهلك قبل قبضه فأراد أن يعوّضه عنه عبدًا، لأمكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015