شرح التلقين (صفحة 1718)

يكون من مقتضى العقد كجواز التصرّف. والثّاني أن يكون من مصلحته.

ومثّلنا هذا باشتراط الرّهن والحميل في عقد البيع. وقد ذكر في المدوّنة في كتاب البيوع الفاسدة حكم اشتراط الرّهن والحميل في عقد البيع، فاعلم أنّ ذلك يقع اشتراطه على وجهين:

أحدهما: أن يشترط في ذلك رهنًا معيّنًا أو حميلًا معيّنًا.

والثّاني: أن يشترط رهنًا غير معيّن أو حميلًا غير معيّن.

فأمّا إن اشترط في ذلك رهنًا معيّنًا، فإنّه إن كان الرّهن والحميل حاضرين، جاز ذلك من غير خلاف. وكذلك إذا كان قريبين من مكان العقد. وأمّا إن كانا بمكان غائب بعيد من مكان العقد، فأمّا اشتراط هذا الحميل المعين الغائب، فإنّه ممنوع. وأمّا اشتراط الرّهن، فإنّ ابن القاسم أجازه، ومنعه أشهب إلاّ أن يكون الرّهن بمكان قريب، مسافة اليوم واليومين.

فأمّا المنع من اشتراط حمالة رجل غائب بمكان بعيد، فإنّه كاشتراط عقد بيع على خياره فيفتقر إلى انتظار ما عنده في هذا، فإن قبل مَضى البيع وإن لم يقبل ردّ البيع. والأمد البعيد لا يجوز اشتراطه في بيع الخيار لما سنذكر في موضعه إن شاء الله تعالى. وكذلك اشتراط هذا الحميل لكون البيع موقوفًا على ترقب ما يبدو منه في الحمالة، فإن التزمها نفذ العقد، وإن امتنع من الحمالة لم يلزم البائعَ البيعُ، وله ارتجاع سلعته، لكونه إنّما باعها بشرط أن يتوثّق بحمالة، فإذا لم يحصل له التوثّق، صار كعيب في الثّمن الّذي باع به، فكان له ردّ الثّمن وارتجاع ما باع. وإن شاء رضي بهذا العيب الّذي هو عدم التوثّق، وإمضاء البيع بغير حميل.

وإذا كان هذا البيع انبنى انعقاده على خيار الحميل بين التزام الحمالة أو ردّها، ثمّ إذا لم يقبل الحمالة، كان الخيار. للبائع أيضًا، كما ذكرناه، صار هذا بيعًا مبنيًا انعقاده على خيار إلى أمد بعيد. فإذا كان الحميل قريبًا بمكان يمكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015