يعقد على اشتراط النّقد فيه. وأمّا بيع العبد بشرط أن يعتقه مشتريه، فإنّا قدّمنا ذكر الخلاف في إجبار المشتري على هذا العتق. ولا يخفى أنّه إذا كان على ذلك مجبورًا أنّ هذا العقد غير مترقّب ردّه, فيجوز فيه اشتراط النّقد كما يجوز ذلك في البيع الّذي لا خيار فيه ولا يترقّب بطلانه. وأمّا على مذهب ابن القاسم فتنازعه الأشياخ في هذا، فمنهم من منع اشتراط النّقد فيه لمّا أمكن أن يمتنع المشتري من إيقاع العتق، فيكون من حقّ البائع الرّضى بإمضائه على إسقاط هذا الشّرط، أو استرجاع العبد. فإذا استرجعه وجب أن يردّ ما كان انتقده، فيكون ما اشترط انتقاده كالسلف عند (?) ورده لمّا انتقض البيع.
ومنهم من ذهب إلى جواز اشتراط النّقد في هذا، ورأى أنّه بخلاف بيع الخيار, لأن بيع الخيار لم يصرّح حين انعقاده يكون هذا العقد في حقّ مشترط، مقبولًا عنده أو مردودًا. فترقب ردّه كترقّب إمضائه لا مزية لأحدهما على الآخر، فلهذا منع من شرط النّقد فيه. وأمّا من اشترى عبدًا على أن يعتقه، فإنّ ظاهر العقد يقتضي كون هذا العقد عند المشتري على القبول حتّى يرجع عمّا أظهر من القبول والتزام شرطه، حتّى صار هذا القبول له والالتزام موجبًا عند أشهب أن يمنع المشتري من ردّ هذا العبد. وإذا كان الأمر كذلك فارق هذا بيع الخيار الّذي هو على الوقف، وضارع بيع البتات الّذي هو على الإمضاء، ولهذا كان ضمان هذا العبد من مشتريه، وإن ترقّب ردّه بامتناعه من العتق، وبيع الخيار ضمان العبد فيه من بائعه، ولو كان الخيار مِمّا اشترطه المشتري في المشهور من المذهب. وهذا عندي يؤكّد طريقة هؤلاء القائلين بجواز اشتراط النّقد في هذا العقد. على أنّه ذكر في الموّازيّة امتناع المشتري من إيقاع العتق مدّة لا يجوز ضربها في بيع الخيار، وما ذلك إلاّ لكون هذا العقد خارجًا عن أحكام بيع الخيار، وإن كان بعض المتأخّرين أشار إلى اعتذار عن هذا فقال: لعلّ التأخرّ هذه المدّة الطّويلة لم يُبْنَ أصل العقد عليه، ولكنّ التّأخّر اتّفق بعد صحّة العقد لعذر اقتضاه.