كثمن اشتُريَ به العبد شراءً صحيحًا، ثمّ اطّلع فيه على عيب وقد حال سوق العبد، فإنّه إنّما يقضى له بتخييره بين أن يقبل العبد بالعيب القديم للعيب على حالته من العيوب الحادثة بعد العقد وقبل القبض خاصة، وإن شاء ردّ العبد بالعيب القديم، وانتفض ما لزمه من القيمة.
ولو كان فوت العبد عند المشتري بعيوب حدثت عنده، فإنّ له ها هنا أن يطلب قيمة العيب القديم، وتلزمه قيمة هذا الّذي قبضه على حالته من العيوب التّي قبضها عليه، القديمة والحديثة. كما يجري الحكم في ذلك في البيع الصحيح إذا اطّلع المشتري على عيب قديم وقد حدث عنده عيب آخر، ويكون ها هنا اللاّزم له قيمة العبد يوم قبضه على ما هو عليه من عيب قديم أو حديث.
وإن اختار الرّدّ بالعيب القديم، قوّم قيمة ثانية ليعلم منها مقدار ما نقصه العيب الّذي حدث عنده.
وأمّا الضالّة فتجري مجرى الآبق في جميع ما قدّمناه.
وقد تكلّم ابن القاسم وغيره على شراء الإبل المهملة في الرّعي ومنعوا ذلك. فمنهم من أشار في علّة المنع إلى كونها لا تعلم صفتها، ومنهم من أشار إلى كونها لا يمكن قبضها إلاّ بإرهاق وأمر سياق، فاشترط في المنع كونها على هذه الحالة ليلحق بما منع من بيعه لعدم القدرة على تسليمه والتّمكين منه.
والجواب عن السؤال الثّاني أن يقال: أمّا شراء الجنين فإنّه لا يجوز لما تحقّق فيه الجهالة لكلّ ما يقصد من جنسه من المبيع. وإلى هذا أشار مالك في الموطأ فقال: إنه لا يدري أحيّ أم ميّت، أذكر أم أنثى، إلى غير ذلك من الصفات التّي ذكرها. وقال أيضًا: إنّه إذا اشترى العبد الآبق الّذي قيمته خمسون دينارًا بعشرين دينارًا، فإنّ المشتري إن وجده ذهب من مال البائع ثلاثون دينارًا، وإن لم يجده ذهب من مال المشتري عشرون دينارًا. فأشار في علّة المنع إلى الجهالة بالمبيع وإلى المخاطرة في الثّمن.
وأمّا استثناؤه فإنّه ممنوع أيضًا لكون البائع قد حطّ من الثّمن كأنّه اشترى به الجنين. وقد قدّمنا أنّ شراءه لا يجوز لما فيه من المخاطرة في المثمون