لم يخلق في العقد على ما خلق يتنوّع إلى ثلاثة أنواع:
فمنه ما يتتابع وجوده، ويتميّز منه كلّ بطن على الذي قبله (?)، كشراء ثمرة هذا النّخل هذا العام بعد أن أزهي الثّمر، ويشترط في العقد شراء ثمرة العام الثّاني، وهذا لا يجوز من غير خلاف.
ومنه ما يتتابع في الوجود ولكنّه يتميّز بعضه عن بعض، مثل القصيل والقرط والقصب يشتري منه ما شوهد على صفة يجوز العقد عليها، ويشترط دخول ما لم يخلق في العقد، فهل يجوز فيه اشتراط الخلف عددًا محدودًا من البطون، وشراؤها إلى أن يفنى؟ ظاهر المذهب فيه على قولين: المعروف منهما جواز ذلك لأنّه في حكم المعلوم بالعادة، وإنّما أجيز شراء الخلفة لكونها في حكم المعلوم. وقد قدّمنا ما خرج من الخلاف في ذلك.
وإذا قيل بالمنع من هذا، فإنّما ذلك لأنّ في اشتراطها في حين العقد وجهًا من الغرر، لكن عفي عنه لأجل الضّرورة إليه وما فيه من المرفق، ولم تدع ضرورة إلى إحالة ذلك على فناء هذه الخلفة لأنّ ذلك في حكم المجهول، والغرر إنّما يسامح به إذا لم يوجد معْدِل عنه.
والنّوع الثّالث ما يتتابع وجوده ولكنّه لا تتميّز بعض بطونه عن بعض كالمقثاة، فإنّه تعلّق اشتراط الخلفة بفنائها وذهاب إبّانها، إذ لا يقدر على العدول عن ذلك بتعليق العقد فيها على عدد من البطون لعدم التّمييز في البطون، ولا يصحّ تعليق الشّراء فيها على التّحديد بزمن. فقد منع في المدوّنة أن تشترى المقثاة وما تخلف شهرًا. وعلّل يكون اختلاف الهواء عليها يختلف معه حكم نباتها. ورأى بعض أشياخي أنّ هذا التّعليل يقدح فيه جواز تعليق شرائها على فنائها وذهاب إبّانها مع اختلاف الأهوية في ذلك أيضًا. وقد ينفصل عن هذا عندي بأنّ اعتبار اختلاف الهواء في شهر بعينه يعظم التّخاطر فيه، وإذا علق العقد على الجميع خفّ الغرر لاستيعاب أزمنتها. وقد علم وجه العادة في