شرح التلقين (صفحة 1687)

وحاجة إلى التّرخيص فيه، سومح بهذا الغرر. وكذلك يمنع بيع الساج المدرج في جرابه. ويجوز بيع ما في العدل المشدود على متاع على الصفة، لما في ذلك من المرفق والحاجة إليه، هذا معنى ما أشار إليه. وقد بسطناه نحن فيما تقدّم. وذكرنا أنّ الشّرب من الساقي جائز، وإن اختلف مقدار شرب النّاس. وكذلك دخول الحمّام، وإن اختلف مدّة مقام الدّاخل فيه، ومقدار ما يغتسل به من الماء. وكلّ هذا بياعات فيها غرر، ولكنّه غير مقصود، وفي حكم اليسير فعفيَ عنه.

والجواب عن السّؤال الثّاني أن يقال: إذا اشترى قصيلًا على الوجه الجائز وأراد أن يدخل في العقد ما ينبت منه بعد جزّه، أو اشترى قثّاء أو بطّيخًا وأراد أن يدخل في العقد ما يخلف بعد ما جناه منه، فإنّ المعروف من مذهبنا جواز ذلك إذا كانت الخلفة مأمونة. ومنع من ذلك أبو حنيفة والشّافعي. فحاول بعض الأشياخ أن يضيف إلى المذهب قولًا بالمنع مثل ما قال أبو حنيفة والشّافعي.

فقال: قد ذكر في الموّازيّة أنّه لا يجوز مساقاة قصب السكّر واشتراط دخول خلفته في المساقاة، كما لا يجوز مساقاة الخلفة ولا بيعها. وحمل هذا على المنع من جواز بيعها على الإطلاق، عقد عليها وعلى الأصول الّتي تفرّعت الخلفة عنها عقدًا واحدًا، أو عقد على الخلفة على انفرادها. وهذا الّذي نقلناه من اختلاف الأئمّة جار في كلّ ما جرى مجرى القصيل في البطّيخ والقثّاء كالورد والياسمين وشبه ذلك.

واعلم أنّ مدار هذا الخلاف على ما قدّمناه من ورود الشّرع بالمنع من بيع الغرر والتّرخيص في الغرر اليسير أو الكثير الّذي تدعو الضّرورة إليه، فاعتقد أبو حنيفة والشّافعي أنّ اشتراء الخلفة منفردة لا يجوز لكون ذلك غررًا لا إشكال فيه، وعقْدًا على ما لم يشاهد ولا وصف وهو مجهول. واعتقد مالك وأصحابه أنّ هذا غير مقصود إلى التّخاطر فيه، بل في إجازته مصلحة، وإلى هذا أشار القاضي. وقد أشار القاضي أبو محمّد في غير كتابه هذا، فقال: إن منعنا من اشتراط الخلفة في عقد البيع أدّى ذلك إلى اختلاط المبيع مع ما لم يبع وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015