وقد تعلّق بعض الأشياخ بهذا اللّفظ الّذي ذكرناه عن المدوّنة فقال: إنّه يقتضي جواز البيع إذا وقع العقد عاريًا من شرط التّبقية, لأنّه أجاب بجواز البيع قبل الزّهو، وعلّق المنع بشرط التّبقية، والساكت عن الشّرطين لم يشترط التّبقية. وتأوّل الشّيخ أبو محمّد ابن أبي زيد وغيره هذا اللّفظ على أنّ المراد أنّهما تفاهما بشرط الجدّ وعلى ذلك عقدًا.
ويؤكّد هذا التأويل عندهم (?) قوله: إذا اشترى تمرًا قبل الزّهو فجدّه قبل الزّهو، وكأن ما فعله من الجدّ قبل الزّهو إشارة إلى أنّهما عقدا على هذا الفعل الّذي وقع من المشتري.
والتّحقيق في هذا أنّ مقتضى العقد يقتضي المناجزة في الثّمن والمثمون، والتّأخير في أحدهما لا يكون إلاّ بالتّراضي، والتّراضي يكون مشترطًا نصًا أو متفاهمًا من جهة العادة أو غيرها، فإن ثبت النّصّ على التّبقية أو استُدِلّ عليه بعادة أو قرينة حال، فسد البيع. والبغداديّون من أصحابنا يرون فساد البيع قبل الزّهو (?) إلاّ أن يشترط القطع. ويتعلّقون بنهيه عليه السلام عن بيع الثّمرة قبل الزّهو، ولم يفصل وهو على عمومه إلاّ ما استثناه الدّليل. وقد وسعنا الكلام على هذا فيما تقدّم، وإنّما ذكرنا ها هنا منه ما تعلّق بلفظ المدوّنة.
قال القاضي أبو محمّد عبد الوهاب رحمه الله، في فصل قدّمنا ذكره افتتح به البيوع:
وفساد البيع يكون بوجوه منها ما يرجع إلى المبيع ومنها ما يرجع إلى الثّمن ومنها ما يرجع إلى المتعاقدين ومنها ما يرجع إلى صفة العقد ومنها ما يرجع إلى الحالة الّتي وقع فيها العقد. الفصلَ إلى آخره على ما قدّمنا ذكره عنه وشرحنا كثيرًا منه.
قال الإِمام رحمه الله: يتعلّق بهذا الفصل سؤالان: