المبيع، فإذا زال الحاجز، تمكّن من إيقاع الحكم. وتغيّر السوق أوجب منع الرّدّ، وعودُه إلى ما كان عليه أمر ثان غير الأوّل. وهذا أيضًا قريب من مسلك الشّيخ أبي الحسن.
وقال غيرهما: إنّما الفرق عند ابن القاسم أنّ تغيّر السوق مِمّا لا يدخل تحت قدرة العباد، وما لا يكتسب لا يتّهم النّاس فيه، والبيع مِمّا يكتسب، فيمكن أن يكون المشتري للسلعة شراء فاسدًا أظهر البيع ليمنع من نقض ما اشترى شراء فاسدًا، فلمّا تطرّقت التّهمة إليه في ذلك، وتأكّدت التّهمة بأن عادت السلعة إلى يده، فظنّ به أنّ ذلك البيع إنّما كان زورًا فلم يؤثّر وقوعه.
والسوق إذا تغيّرت لا يتّهم المشتري ولا البائع على أنّهما تواطآ على تغيّرها قصدًا للمنع من نقض فعلها. ألا ترى أنّه ذكر في كتاب العتق فيمن حلف بعتق عبده إلاّ فعل فعلًا، ثمّ باع العبد ثمّ اشتراه، فإنّ اليمين يبقى حكمها لمّا اتّهم أن يكون أظهر البيع زورًا ليرفع حكم اليمين.
وهذا الفرق أيضًا والتّمثيل يقدح فيه بأنّه ذكر في المدوّنة في هذا الّذي اشترى سلعة شراء فاسدًا، ثمّ باعها بيعًا صحيحًا، ثم عادت إليه بشراء أو ميراث أو عطيّة، أنّ حكم الفوت ارتفع، وقد علم أنّه لا يتّهم في الميراث أن يكون قصدا إلى أن يموت حتّى يورث عنه، فلا ينتقض بيعه. كما لم يتّهمه في المدوّنة فيمن حلف ألاّ يفعل فعلًا بحرّية عبده ثم باعه ثمّ ورثه، أنّ اليمين ارتفعت لمّا لم يتّهم في الميراث بخلاف البيع هذا أيضًا.
وقد اضطرب المذهب فيمن قصد إلى التّفويت لما اشتراه شراء فاسدًا لئلاّ يُقضَى بأخذه من يده، فإنّه إذا فعل ذلك قبل أن يقام عليه، فإنّ التّفويت حاصل ولا يمنع منه لكونه قاصدًا لذلك. وإن كان فعل ذلك بعد أن قام عليه البائع لينقض بيعه، ففيه اختلاف. هكذا ذكره بعض أشياخي مطلقًا. والّذي في المستخرجة أنّ ذلك لا يكون فوتًا إلاّ أن يكون التّفويت بالعتق، فإنّ التّفويت حاصل لأجل حرمة العتق. فهذه الفروق كلّها مطلوبة كما أريناك.