أمكن رد إحداهما إلى الأخرى، كان الواجب في مقتضى الأصول، إيجاب الغسل والمسح معًا. لأن هذا حكم الآيتين الواردتين بحكمين لا يتنافيان. والقراءتان كالآيتين. ولكن يصدهما عن ذلك أنه مذهب (?) لم يثبت عن أحد من الصحابة، بل الثابت العمل بخلافه. وإن كان قد نقل عن بعض من لا يعتد بخلافه. وإن الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم باقتصاره على الغسل يمنع من المصير إليه. فإذن وجب العمل بمقتضى الآيتين وألَّا يسقط حكم إحداهما لأجل الأخرى. ومنعهما ما ذكرناه من إيجاب مضمونيهما جميعًا (?) لم يبق من الأقسام إلا التخير بينهما ويصيران في حكم ما يتنافى. وما يتنافى إذا ورد الشرع به ولم يمكن البناء (?) فيه كان الواجب التخيير (?). هذا الذي قادهما إلى القول بالتخيير (4)، ولكن الفقهاء يدفعونهما عنه بأوجه أحدهما أن التخيير (4) قول لم يسبقا إليه. وإحداث قول خارج عن جملة أقاويل المختلفين ممنوع عند أكثر أهل الأصول. ويلحق بخرق الإجماع. ومنها أن الآيتين اللتين في حكم ما يتنافيان، إنما يصار فيهما إلى ما ذكرناه عند تعذر رد إحداهما إلى الأخرى. وهاتان القراءتان قد أريناك فيما قدمنا وجه رد إحداهما إلى الأخرى من جهة الإعراب فيجب أن تسلك تلك الطريقة وتنظر فيما قدمناه. ويعتضد بالدليل الذي منع من القول بتعين المسح ومن القول بالتخير (?)، أو تترك إحداهما إلى الأخرى من طريقة أخرى. وهي أن يقال: قدمنا عن أهل اللغة في فصل قبل هذا أنهم يسمون الغسل مسحًا، ومنه قولهم تمسحت للصلاة. وقال الفارسي: المسح خفيف الغسل. فإذا ثبت أن الغسل يسمى مسحًا. فقصارى الأمران يسلم أن (?) قراءة الخفض مقتضية المسح من غير احتمال من جهة الإعراب. وإذا سلمنا ذلك وكان الغسل يسمى مسحًا حملت على أن المراد بها الغسل لانطلاق تسمية