شعرات. وقال أبو حنيفة في أحد (?) قوليه: إن اقتصر على الناصية، وهي ما بين النزعتين أجزأه. وقريب منه روي عن مالك أيضًا. هذا قدر الواجب، وإلا فقد اتفق الجميع على أن الكمال في الإكمال. وأما ما ذكرناه من الأجزاء فإنما يتعلق عندهم بها (?) الإجزاء.
واعلم أن النظر أحد هاتين. أما حمل الظاهر فهو قوله سبحانه: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (?): على استيفاء الجملة، ونهاية هذه التسمية. وهو مذهب مالك. والقياس على بقية أعضاء الوضوء. وأما حمل الباء على التبعيض، وقصر الظاهر على أقل ما ينطلق عليه (?) وهو مذهب الشافعي. وقد دوفع عن حمله الباء ها هنا على التبعيض، بأنه (?) لم يحملها، ولا أحد من العلماء على التبعيض في قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} (?). وبأنها لو كانت للتبعيض لامتنع تأكيد الجملة بما ينافي التبعيض. فلما حسن أن يقال: امسح برأسك كله، دل أنها دالة على التبعيض. وأما ما قاله ابن مسلمة وأبو الفرج فلا معنى له. لأنا أوضحنا أن النظر إنما يتردد بين مذهبين لا أكثر. ولكن أمثل ما يعتذر به عنهما، أن أحدهما رأى أن أصل المسح التخفيف، وإيجاب الإيعاب ينافي التخفيف. فالقليل يجب أن يعفى عنه، والثلث قليل في مواضع من الشرع. وقد عفي (?) عنه ها هنا لقلته. ورأى الآخر أن الثلث في حيز الكثير، لقوله عليه السلام: "والثلث كثير" (?). والكثير يصح الاقتصار عليه. مع الرواية أنه عليه السلام مسح بناصيته (?) وهي لا تبلغ