شرح التلقين (صفحة 1391)

تعليقه بالأوصاف والشروط والعدد، وأما تعليقه بالاسم فإن أكثر مثبتيه ينكرونه، لكن الدقّاق من أصحاب الشافعي قال به. وأضيف أيضًا هذا المذهب إلى مالك رضي الله عنه. فإن قلنا بإنكاره إذا علّق بالأسماء لم يكن اعتذار عنه، وإن الأسماء إذا علقت بها الأحكام كان ما عدا الأسماء بخلافها ها هنا (?) ويصل الخطاب مع عموم قول الراوي "نهى عن ربح ما لم يضمن" فينظر في الذي تقدم منهما. هذا إن سلم أن القصد به ها هنا نفي الحكم عما عداه. وإن لم يسلم ذلك، وقيل: إن الدليل إنما يستعمل إذا لم يكن الخطاب خرج مخرج التنبيه قدم تنبيه الخطاب ومفهومه على دليله، ألا ترى قوله سبحانه {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (?) دليل هذا الخطاب يقتضي أن يقال لهما ما فيه سبّ لهما أولى وأحرى.

وموضع التنبيه في هذا الخطاب أن الطعام تمس الحاجة إليه، وإلى المبادرة لنفعه، وابتياعه للقوت به، وحفظ الحياة بأكله، ما لم تمس الحاجة إلى المبادرة إلى شرائه منه وبيعه له، كان نهيه عن بيع ما سواه من السلع قبل أن يقبضها أولى وأحق.

هذا طريق الكلام على اختلاف ظواهر هذه الأحاديث. وأما الكلام عليها من جهة الاعتبار فإن أصحابنا يقولون: لما جاز التصرف في الأثمان قبل قبضها جاز ذلك في المثمونات. وإذا جاز بيع ما لم يقبض مما وهب أو تصدق به أو ورث فكذلك يجوز بيع ما اشتُري قبل أن يقبض، (فكذلك يجوز التصرف فيه بالبيع) (?).

وأما أصحاب الشافعي فإنهم يجيبون عن هذا بأن المذهب عندهم على قولين في بيع ما في الذمة من ثمن سلعة باعوها. فإن قيل بالمنع فلا تعلق به،

وإن قيل بالجواز فالفرق أن الأثمان في الذمم ملكها قد استقر ولا يحسن بطلان الملك، فلهذا جاز البيع قبل القبض. وأيضًا فإن المالكية تمنع بيع الطعام قبل قبضه (إذا كان دنانير أو دراهم أو ما يجوز بيعه قبل قبضه. وأما العين فإن منهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015