المصالح كأنه عاوض عنه، وهو يعلم ما يصير إليه من قبله، وإذا علم ذلك ارتفع الخيار الموجب للخطر على أحد القولين المتقدمين. هذا حكم العروض المتكفل بها إذا وقع الصلح عنها من الكفيل لنفسه، أو عن الغريم قبل الأجل وبعده.
وأما لو كان المتكفَّل به طعامًا من سلم فإن الصلح قبل الأجل لا يجوز بسمراء عن محمولة، ولا محمولة عن سمراء؛ لأنه إن وقع الصلح عن الغريم تضمن هذا العقد ما قدمناه من الوقوع في: ضع وتعجل، أو حط عنّي الضمان وأزيدك. وإن صالح لنفسه فذلك أحرى في المنع لأنه عقد بطعام على طعام مؤخر ووقع العقد على بيع الطعام قبل قبضه. وأما إن حل الأجل فلا يجوز ذلك عن نفسه لما قدمناه، ولا عن الغريم لكون الغريم مخيرًا لما يدفع للكفيل المصالح، وقد يعتقد أن المحمولة أفضل من السمراء، لاختلاف حال منهما، أو اختلاف حال الأغراض عندهما. وإذا صارا كالجنسين منع من ذلك، بخلاف ما لو دفع الغريم من مال نفسه بعد الأجل محمولة عن سمراء أو سمراء عن محمولة، فإن هذا جائز لأنه كالمبادلة ولا بيع فيه، وإذ كان الدفع من الكفيل على وجه فيه خيار للغريم، ولا يدري الكفيل ما يحصل له هل ما دفع أو ما اشترى؟ صار هذا يتصور حكم المبايعة فيه وثبوت الخيار الذي إنما يتصور غالبًا في البياعات لَلَحِق هذا العقد من الكفيل بالوجه الممنوع لأجل أنه دفع ما فيه خيار لغيره عليه.
ولو كان الدين سمراء فقضى الكفيل الغريمَ أدنى منها -من السمراء- أو كان الدين محمولة فقضى الكفيل عن الغريم محمولة أدنى منها، فإن ابن القاسم منع من ذلك إذا كان الدين من سلَم. والوجه للمنع ها هنا على مقتضى ما أصلناه لأنه يعلم حين الصلح أن الغريم لا يختار إلا ما هو أرفق به. ولا يتصور ها هنا أن يعتقد أحد أن السمراء الجيدة تكون أدنى من السمراء الدنيئة.
بخلاف ما قررناه في السمراء إذا أخذ عنها محمولة. وقد أجاز في كتاب الحمالة