شرح التلقين (صفحة 1303)

ويجري في ذلك من الخلاف جميع ما قدمناه في أنواع الفوت، ومراعاة دعوى الشبه مع عدم الفوت؛ والاختلاف في ذلك لأجل أن مدعي موضع العقد ادعى ما يشبه، فإن وقع الفوت بطول الزمن، على المذهب المشهور المذكور في المدونة، صُدّق من ادعى موضع العقد، إن كان هو المسلم إليه، من غير خلاف عندنا. وإن كان مدعى موضع العقد المسلم، ففيه قولان: ففي المدونة أنه يصدَّق. وذهبَ سحنون إلى أنه إنما يصدق الغارم، وهو الذي عليه السلم، وإن كان مدعيًا لغير بلد العقد.

وسبب هذا الاختلاف في هذا الوجه دون ما قبله، أنه إذا ادعى المسلم إليه موضع العقد، وهو الغارم، فقد قوي جانبه من وجهين: أحدهما: كونه غارمًا، والغارم هو المدعى عليه. والثاني: كونه ادعى ما يشبه، ودعوى ما يشبه توجب تصديق من ادعاه ها هنا. فصار له ترجيحان، حتى إذا كان مدعي بلد العقد المسلمَ افترق هذان الترجيحان، فترجح جنبة المسلم إليه بكونه غارمًا، وتترجح جنبة المسلم بكونه ادعى ما يشبه وهو موضع العقد، فحسن ها هنا الخلاف؛ فرجح في المدونة المسلم لأجل انفراده بدعوى الشبه، ورجح سحنون المسلم إليه بكونه غارمًا.

وإن ادعى كل واحد منهما انعقاد السلم على القبض ببلد غير بلد العقد فإن المشهور من المذهب أن القول قول الغارم إذا ادعيا جميعًا من البلاد ما يشبه أن يُشترط قبض المسلم فيه.

وذهب أبو الفرج في الحاوي إلى أنهما يتحالفان ويتفاسخان.

فمن ذهب إلى أن القول قول الغارم رجح جانبه بكونه غارمًا، ومع الفوت يصدق الغارم. وأما أبو الفرج فيمكن، عندي، أن يكون ذهب في هذا إلى طريقة أشهب، وهي التحالف والتفاسخ مع فوت المبيع، وهذا إذا ادعى كل واحد منهما بلدًا يشبه أن يشترط قبض السلم فيه، فإنهما يتحالفان ويتفاسخان.

ولا يمكن أن يقال ها هنا ما قلناه في اختلافهما في مقدار المكيلة المسلم فيها، إذا ادعيا جميعًا ما لا يشبه فيها: إنهما يحملان على الوسط من سلم الناس،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015