يستباح إلا بطهارة. فإنه إنما (?) اكتفى بهذه النية واستباح سائر ممنوعات الحدث. لأنا لو لم نقل بذلك لأدى إلى التناقض، لأن من يتوضأ ليستبيح الصلوات المفروضة فمعلوم أنه لا يستبيحها إلا بعد ارتفاع حكم الحدث. فلو قلنا: إنه لا يستبيح غير الصلوات لم نقل ذلك إلا لأن حدثه باق. وقد قدمنا أنه ارتفع. وهذا يؤدي إلى جمع النقيضين وهو محال.
والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: أما إن أضاف المقاصد لاستباحة فعل معين، القصد إلى أن لا يستبيح غيره، كمن توضأ ليصلي الظهر خاصة لا يصلي غيرها، فقد اختلف فيه. فقال: بعض أصحاب الشافعي لا يستبيح به شيئًا أصلًا، لا الصلاة التي قصدها ولا غيرها مما لم يقصده. وقال ابن القصار تتخرج المسألة على القولين في رفض الوضوء فإن قلنا أنه يؤثر استباحة الصلاة التي قصدها دون ما سواها. وإن قلنا إنه لا يؤثر استباحة تلك الصلاة وما سواها. فوجه القول الأول أن قصده إلى أن لا يستبيح ما سوى هذه الصلاة، قصد (?) لبقاء حدثه، وكأنه قصد إلى أن هذا الوضوء إنما يوقعه لا لرفع الحدث فلم يعتد به أصلًا، وكان وجوده كعدمه. ووجه القول بأن يستبيح تلك الصلاة وغيرها أنه قصد استباحة صلاة، وذلك يتضمن رفع الحدث، إذ لا تستباح صلاة إلا بارتفاعه. فإضافته إلى هذا أنه لا يستبيح غيرها لغو. لكونه من الاعتقادات المخالفة لقاعدة الشرع في هذا. ووجه القول بأنه يستبيح تلك الصلاة دون غيرها، قوله عليه السلام: "وإنما لامرئ ما نوى" (?) وهذا نوى استباحة صلاة بعينها دون غيرها فوجب أن يكون له ما نوى.
والجواب عن السؤال السابع: أن يقال: أما قصده بوضوء ما لا تجب الطهارة فيه، ولكنها تستحب كقراءة القرآن من غير مس المصحف. فإن فيه قولين: أحدهما وهو المشهور أن حدثه لا يرتفع. لأن ذلك الفعل الذي قصد إليه يصح فعله مع بقاء الحدث، فلم يتضمن القصد إليه القصد برفع الحدث،