شرح التلقين (صفحة 126)

السلام، فيجب أن تسمى سنة على أصل اللغة، ويخرج من مضمون ذلك أن كل واجب سنة، وليس كل سنة واجبًا. لأن من طريقته عليه السلام فعل المندوب. والمندوب ليس بواجب. هذا الأصل في اللغة. لكن عرف الشرع ألا يسمى كل واجب سنة. ألا ترى أنهم لا يقولون صلاة الظهر سنة. ولا يقولون الوضوء سنة. ولا صوم رمضان سنة، ولا الحج سنة. ولكنهم تعارفوا في الشرع على أن كل ما ثبت حكمه بفعل النبي عليه السلام أو قوله، وأكد وحض عليه، ولا أصل له في الكتاب، فإنه سنة. ولهذا يقولون صلاة الوتر سنة، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف، وصلاة العيدين لأنها مما شرعها - صلى الله عليه وسلم - وأكد أمرهالأولم يوجبها ويؤثم تاركها.

وقد يطلق بعضهم تسمية السنة على ما علم حكمه من جهة النبي عليه السلام وإن شرعه على جهة الوجوب. وقد سالت بعض أشياخي عن قول بعض أصحابنا: قد اختلف في إزالة النجاسة هل هي فرض أو سنة، مع حكايته الاتفاق على تأثيم من صلّى بها عامدًا؟ كيف يصح وصف الشيء بأنه سنة مع وصفه بأنه يؤثم بتركه؟ فلم يظهر له عن هذا جواب. فسألت غيره من شيوخنا عن هذا، فقال: مجمل القول بأنها سنة، على أن حكمها من جهة النبي عليه السلام، واجب من غير أن يكون له أصل في الكتاب. وقد شرع عليه السلام إزالتها على جهة الوجوب. فقيل ذلك من سنته وإن كان واجبًا. ثم رأيت بعد ذلك هذا الذي قاله، لبعض أصحابنا البغداديين. وهذه نكتة حسنة يجب أن تتدبرها. فقد وقع في مسائل أصحابنا ما لا ينكشف لك حقيقته إلا بها. منها هذا الذي ذكرناه في إزالة النجاسة والتسمية على الذبيحة، وستر العورة في الصلاة، إلى غير ذلك مما تقف عليه في مواضعه.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: الفضيلة كل فعل له فضل وفيه / أجر، من غير أن يستحق الذم بتركه، ولا التأثيم، وهذا الفرق بينه وبين الواجب، وأما الفرق بينه وبين السنة، فإن قلنا بأحد المذهبين أن من السنن ما يكون واجبًا، فالفرق بينهما بين، لأن الفضائل ليس منها واجب أصلًا. هذا أصلها في عرف الشرع. وإن قلنا بالمذهب الآخر أن السنن لا يكون منها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015