شرح التلقين (صفحة 1213)

الطريقة التي اتبعناها في تحقيق هذا النص النفيس الذي كتبه الإِمام أبي عبد الله المازري رحمه الله وأجزل مثوبته.

وجهنا اهتمامنا أولًا إلى تصحيح النص. وبذلنا في ذلك أقصى الجهد في فهمه وما يقتضيه التعبير عن الحكم الفقهي فحاولنا إصلاح الأخطاء وإتمام النقص إذا لم يتجاوز كلمتين ليستقيم تطابق اللفظ والمعنى، ولم يكن ذلك بالأمر الهين. فالنسخ التي عرفنا بها سابقًا كلها نسخ حديثة وغير مقابلة.

وقد كثرت فيها التحريفات. وكنا نقف عند التأمل في بعض الفقرات وقتًا غير قليل نفترض الافتراضات التي يمكن أن يكون عليها الكلام عند المؤلف ليصح التعبير وينسجم، معرضين عما في التعبير من ضعف تارة، وذلك أن المازري رحمه الله لم يعتن بكتابة نصه، وأرجح أنه كان يلقي دروسًا تدون عنه.

وفرق بين أن يوجه المؤلف عنايته للتحرير الكتابي، فيتخير الصيغ التي تكون أبلغ وضوحًا، وأفضل نسجًا، وأتم حبكًا، ويسود ويبيض. وبين أن يكون مربيًا لحاملي العلم عنه من الطلبة. يقتضيه تسلسل إبلاغ المفاهيم أن لا يتوقف للاختيار والتجويد. ولذا لا يجد الناظر في كلامه في شرح التلقين من جمال الأسلوب ما يجده مثلًا في شرحه لكتاب البرهان، وإن صرح أنه أملاه.

والمازري الرجل الذي يتميز بجودة قريحته وذكائه الحاد وذاكرته الوفية المسعفة، وسعة اطلاعه، وعنايته الشديدة بالضبط، تصور هذه الأجزاء الثلاثة تلكم الميزات تصويرًا معبرًا وشاهدًا ناطقًا بما رزقه الله من علم وحكمة. وهو يمثل عصره فلا يضجر المستفيد من هذه الأجزاء الثلاثة من كثرة تمثيله ومن عنايته بأحكام الرقيق، ذلك أن العبيد كانوا يمثلون وحدة من وحدات المجتمع، ويختصون بأحكام لا غنى عن بيانها. ومع ذلك فإنه يمكن أن يستفاد منها، فتطبق تلك الأحكام التي لا اختصاص لها بالإنسان، على ما يجري التعامل به في الحالات المشابهة.

وتمثل هذه الأجزاء الثلاثة ميدانًا لاشتغال طلبة العلم في الجامعات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015