يعرف. فإن ألقاه البحر على ضفته فحق على من وجده أن يدفنه. قال سحنود يصلى عليه إلى القبلة وإن دار المركب داروا. وإن غلبوا صلوا بقدر طاقتهم فيثقل بشيء إن قدروا على تثقيله. قاله عطاء وابن حنبل. ورد هذا المذهب بأنه ربما ألقاه البحر إلى ساحل فيدفنه المسلمون وفي تثقيله قطع لما يرجى له من الدفن ومما ينخرط في سلك هذا نقل الميت من بلد إلى بلد. وظاهر مذهبنا جوازه. قال بعضهم لا بأس أن يحمل الميت إلى العصر إن كان مكانًا قريبًا.
قال ابن حبيب لا بأس أن يحمل من البادية إلى الحاضرة ومن موضع إلى موضع آخر يدفن فيه. وقد مات سعيد بن زيد وسعد بن أبي وقاص بالعقيق فحملا إلى المدينة. وأصيب طلبة رضي الله عنه يوم الجمل فدفن. فرأى إنسان في المنام أن انقلوه فنقل فدفن في مكان آخر. قال بعض أصحاب الشافعي ليس في هذا نص. والذي يشبه عندي أنه يكره ذلك. وروي مثل هذا عن عائشة رضي الله عنها. واحتج الشافعي بأن النبي ي أمر بتعجيل دفن الميت. وفي نقله تأخير لدفنه. وانفصل عن نقل سعد وسعيد بأن ذلك ليس ببعيد. فأشبه نقل الميت في بلد كبير من طرف إلى طرف آخر في المقبرة. فأما ابن عمر فإنما أوصى أن ينقل لأنه كان من المهاجرين. ويكره للمهاجرين أن يدفنوا بمكة لأنه كره لهم المقام فيها. وهذا الذي أشار إليه الشافعي في تأويل سعد وسعيد. وقد اشترط مالك في جواز النقل أن يكون قريبًا. وأطلق ابن حبيب من غير اشتراط. فاشتراط مالك يقرب من تأويل الشافعي. فقد روي في البخاري أن جابر بن عبد الله قتل أبوه يوم أحد فدفنه جابر مع رجل آخر فلم تطب نفسه أن يتركه مع آخر في قبره فاستخرجه بعد ستة أشهر. وهذا الحديث قد أدخل حجة جواز النقل. ولكنه يتضمن جواز النقل بعد الإقبار. وإنما تكلمنا على النقل قبل الإقبار. وللميت حرمة تمنع من إخراجه من قبره إلا لضرورة كما ذكرناه من نسي الصلاة عليه على الاختلاف المذكور فيه وإلحاق دفن آخر معه بأبواب الضرورة المبيحة لإخراجه يفتقر إلى نظر آخر وبسط طويل (?).