تقدمه. فالأمير إذا انفرد بالحضور دون هذين قدم والعاصب إذا انفرد قدم والصالح إذا انفرد قدم. فإن اجتمعوا فعندنا أن الوالي أولى من الولي. وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي في أحد قوليه الولي أولى من الوالي قياسًا على تقدمة الولي على الوالي في عقد النكاح وفي القيام بالدم. ودليلنا أن الحسن بن علي رضي الله عنهما لما مات، قدم الحسين رضي الله عنه سعيد بن العاصي وهو أمير المدينة ودفع في قفاه وقال لولا السنة في تسكين الفتنة ما قدمتك. فيه خروج عن الظاهر. وقد اعتل في هذا بأن الميت قد كان رضي بإمامة هذا الوالي وقدمه أيام حياته. فكان ذلك مزية تقتضي التقدمة بعد الوفاة. وقياسهم على عقد النكاح والقيام بالدم لا معنى له. وهذه أصول متباينة. فطريق النكاح نفي المعرفة عن الأولياء بتزويج غير الكفء. وصلاة الجنازة لا مدخل لها في هذا.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: أما الوالي الذي إليه الصلاة فإن الأمير الأعلى لا خلاف في استحقاقه الصلاة. وأما من سواه ممن لا ولاية له، فإن المذهب قد اختلف فيه فنفى بعض أصحاب مالك استحقاقه الصلاة وقصر استحقاقها على الأمير الأعلى وجعلها مالك في المدونة لأمير العصر والقاضي وصاحب الشرطة إذا كانت إليهم الصلاة. قال مالك في المجموعة فإن كان القاضي لا يصلي بالناس فليس بأحق. قال سحنون ومن وكله أمير الجند على الصلاة وليس للذي وكله صاحب الشرطة ... أجر ولا صلاة. فلا حكم لهذا في الصلاة وإنما يكون صاحب المنبر والصلاة أحق من الأولياء. ذلك أن ... سلطان الحكم أو قضاء أو شرطة. وإلا فهو كسائر الناس في ذلك. وقال ابن وهب الحاكم القاضي هو أحق من الولي وليس كصاحب الشرطة في هذا.
وحكى ابن حبيب عن ابن القاسم أن ذلك إن كانت إليه ... يجوز قصر هذا لاستحقاق على الوالي أو تعديه إلى من سواه على الاختلاف في الولي القريب ذا قدم ... دون الأجنبي أحق من ولي بعيد لكونه حل محل الولي القريب. أو لا يكون أحق فالسلطان الأعلى أحق بالتقدمة في الصلاة فأعطى حكمها إلى قاضيه صار ذلك كولي قريب ينقل إلى أجنبي. وأما ما ذهب إليه مالك ... عن سحنون فإنه ينبغي اعتبار أن تكون الصلاة إليه. ويكون بيده مع هذا أمر من أمور