شرح التلقين (صفحة 1172)

يواريهم ويغسلهم ويصلي عليهم وذلك استحسان، وليس بواجب. وكأن هذه الطريقة طريقة من تردّد بين المذهبين، فلم يحزم الصلاة ولم يُوجبها ولكنه استحسنها. وقد يعتضد من منع الصلاة عليهم بناء على تكفيرهم بظواهر السمع.

فروى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: القدرية مجوس هذه الأمة. فإن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوا جنائزهم (?). وذكر لابن عمر الذين يكذّبون بالقدر فقال ابن عمر: أنا منهم بريء فلا تعودوا مرضاهم ولا تصلّوا على موتاهم. وأما الصلاة على البغاة فاختلف الناس فيها. فعندنا وعند الشافعية أن أهل العدل إذا قتلوا أهل البغي فان أهل البغي يغسلون ويصلّى عليهم. وقال أبو حنيفة لا يغسلون ولا يصلّي عليهم. ولنا ما قدمناه من قوله - صلى الله عليه وسلم -: صلّوا خلف من قال لا إله إلا الله وعلى من قال لا إله إلا الله (?). وأما أبو حنيفة فيقيسهم على الكفار لعلة أنهم باينوا أهل الحق حربًا ودارًا ولا يسلّم له ما قال. وليست العلّة البينونة بالدار والحرب. وإنما العلة الكفر. ويستدل أيضًا بقوله تعالى في المحاربين: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (?). ومن أخبر الباري تعالى بخزيه فلا يكّرم بالصلاة عليهم. وغيرهم من أصحاب الكبائر لم يخبر بخزيهم فلا تمنع الصلاة عليهم. ولا يسلّم لهم هذا الاستدلال لأن المقصد بالآية الزجر والردع. والصلاة على الميت سؤال في الرحمة والغفران له، وبالإِسلام تُمكن الرحمة والمغفرة. وهذا مسلم، وهو أولى السؤال (?) في المغفرة والرحمة أحوج من غيره. ويستدل أيضًا بترك علي رضي الله عنه الصلاة على أهل صفيق. وهذا لا يسلم له لمخالفة من رأى رأية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015