شرح التلقين (صفحة 1143)

موتاكم ولا تشبهوا باليهود (?). وهذا على عمومه. ولأن الميت انقطع التكليف عنه وتكليفه لا يصح فلا معنى لبقاء حكم الإحرام لانقطاع التكليف. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا مات الميت انقطع عمله إلا من ثلاث (?). ذكرها ولم يذكر فيها الإحرام. وهذا تنبيه على صحة ما قال من انقطاع حكم العمل. مع أن ظاهر الحديث يوجب انقطاع حكم الإحرام بعموم ما ذكر فيه من الانقطاع سوى ما استثناه. ألا ترى أن المحرم إذا مات لا يطاف به ولا يفعل بجسده مناسك الحج. وإنما ذلك لاستحالة تكليفه وانقطاع العبادة عنه. فإذا لم يفعل به مناسك الحج دل ذلك على سقوط حكم الإحرام. وقد نبهت عائشة رضي الله عنها على ذلك فقالت: إنما هو جسد فاصنعوا بالمحرم كما تصنعون بموتاكم. فأما المخالف فإنه يستدل بما روي أن محرمًا خرّ من بعير فوقص فمات. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه اللذين مات فيهما ولا تمسوه طيبًا ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا (?). وأجيب عن هذا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر في هذا معنى أشار به إلى أنه هو العلة في أن لا يطيب ولا يخمر رأسه. وهذا المعنى هو من الغيوب التي لا نعلمها نحن فيما سوى هذا المحرم فنقيس سائر المحرمين عليه. وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أوحى إليه بأن هذا المحرم يبعث ملبيًا. فمن أين نعلم نحن أن غيره من المحرمين يبعث كذلك.

ولا يمكن جزم القول بأن مراده - صلى الله عليه وسلم - أنه يبعث ملبيًا لأجل إحرامه. فيكون كل محرم يبعث ملبيًا لمشاركته هذا في الإحرام. لأنه يمكن أن يكون خص هذا المحرم بذلك إكرامًا له وتشريفًا. وإذا احتمل ذلك، لم يكن جعل الإحرام علمًا على البعثة ملبيًا في حق كل محرم. وقد اعتمدت الشافعية على أن الإحرام لما كان من العبادات التي يدخل الإنسان فيها بفعله وبفعل غيره لم تبطل بالموت كالإيمان. ألا ترى أن الإيمان يحكم به للولد بإيمان أبيه. فلا ينقطع حكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015