فإذا وضح ما قلنا في حكم الزوجين فإنا إذا أجزنا غسل أحدهما صاحبه فإنه يستر عورة المغسول. وأجاز ابن حبيب أن يغسل أحد الزوجين صاحبه والمغسول منهما عريان من غير ضرورة. وفي كتاب ابن سحنون قال أشهب ويغسل أحد الزوجين صاحبه مجرّدًا. قال سحنون يعني ستر عورته. وهو قول أصحابنا. وإذا أجزنا للمرأة غسل زوجها فقال ابن الماجشون لها أن تجففه وتكفنه ولا تحنطه إذ هي حادّ، إلا أن تضع حملها قبل ذلك إن كانت حاملًا، أو يكون بموضع ليس فيه من يحنطه فلتفعل ولا تمس بالطيب إلا الميت.
والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: أما غسل السيد أمته ومن في معناها كأم الولد والمدبرة فإنه جائز. وقال أبو حنيفة لا يجوز، ويعتل بما قدمناه من جواز وطء الأخت. والتفرقة بين حكم جمع الأختين ها هنا وبين جواز الغسل، قد تقدم الكلام عليه. ولا يغسل مكاتبته ولا المعتق بعضها ولا المعتقة إلى أجل. ومن له فيها شرك ولا كل من لا يحل له وطؤها. وأما غسل الأمة سيدها فإنه يجوز عندنا وكذلك أم ولده ومدبّرته. قال الشافعي: أم الولد على أحد الوجهين عنده. وقال في الوجه الآخر لا يجوز. وبه قال أبو حنيفة. ويعتل لهذا القول بأنها تعتق بموته، فصارت أجنبية منه. وقد قدمنا نحن الانفصال عن مثل هذا.
وإذا وضح ما قلناه في غسل مَن الوطءُ بينهما مباح، فهل يقضي بذلك لمن طلبه منهما؟ قال سحنون يقضى للزوج بغسل زوجته ولا يقضى لها على أوليائه.
وللامة غسل زوجها العبد وإن ولدت منه وللعبد غسل زوجته حرّة ويأذن له السيد في غسلها فيقضي له بذلك. وإنما فرق سحنون بين القضاء للزوج بغسل زوجته وبين القضاء لها لمعنى نبه عليه في لفظ روايته. وذلك لأن الرجل له أولياء يغسلونه. فلو قضينا لزوجته لأسقطنا حق الأولياء في ذلك. وأما المرأة فلا يغسلها أولياؤها. وإذا كان غسلها موكولًا إلى النساء لم يكن في القضاء للزوج بغسلها إسقاط حق أحد. فلهذا قُضي له. وهذا معنى قول سحنون لا يقضى لها على أوليائه. وهذا تنبيه منه على أن الزوج لو لم يكن له ولي لوجب