فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: اختلف الناس في غسل الميت. فقال ابن أبي زيد هو ستة. وقال القاضي هو واجب. فدليل وجوب الغسل قوله - صلى الله عليه وسلم - (?). وهذا أمر مجرده يقتضي الوجوب عند جمهور الفقهاء. وقال أيضًا (في المحرم) (?) اغسلوه. وهذا أمر أيضًا بالغسل. لكن قوله: إن رأيتن في غسل ابنته قد نرى فيه إن هذا الشرط راجع إلى الغسل وأنه معلق بأن يريد ذلك. وهذا له تعلق بأصول الفقه.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: لما كان الغرض بهذا الغسل التنظيف والتأهب للقاء الملكين لتستشعر النفوس أمر المعاد ولقاء الملائكة وذلك مما يجب أن يتأهب له بالتطهر وجبت المبالغة فيه.
ومن صفات الغسل أن يوضأ. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها (?). قال أشهب: وفي ترك الوضوء أيضًا سعة. وقال أيضًا إن وضىء فحسن. ووافقنا الشافعي على أن الوضوء مستحب. وخالف أبو حنيفة فلم يره مستحبًا. وما ذكرنا من قوله - صلى الله عليه وسلم -. ومواضع الوضوء منها يردّ ما قال. ويؤمر أن يخص بالانقاء الفم والأنف والإبطان وغيرها. قال ابن حبيب ويوضأ كما يوضأ الحي، ويدخل الماء في فمه ثلاثًا. واختلف في محل وضوئه وفي تكريره. فأما محله فقيل في الغسلة الأولى لأنها الفرض فينبغي أن يكون الوضوء من جملتها. وقيل في الثانية لأن الأولى فيها تنظيف فينبغي أن يكون الوضوء بعد حصول النظافة.
فأما تكريره فاختلف فيه على القول بأن محله الغسلة الأولى. فقال أشهب يكرّره. وأنكره سحنون. قال بعض المتأخرين ينبغي على القول بالتكرير أن يكون الوضوء الأول غسلة واحدة حتى لا يرفع التكرار في العدد المنهي عنه.
وإذا لم نقل بالتكرار كان الغُسل ثلاثًا.