فوجه الاقتصار على المسجد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فيه. وأيضًا فربما كان في خروجهم إلى البَراز ذهاب الكسوف أو ذهاب كله (?). ووجه إباحة صلاتها في البَراز قياسًا على غيرها من السنن التي يجمع لها. قال فالشأن إقامتها خارجًا في البَراز. وقد قدمنا قول مالك في المختصرًا ن الإِمام إذا فرغ من صلاة الكسوف يستقبل الناس فيذكرهم ويخوّفهم، ويأمرهم إذا رأوا ذلك أن يدعوا الله ويكبّروا وينصرفوا.
وظاهر مذهبنا أنه لا خطبة بعد الكسوف. وبه قال الشافعي. وقال الشافعي بل يخطب ويحتج بحديث عائشة وفيه فلما تجلت الشمس انصرف فخطب الناس وحمد الله وأثنى عليه. وقال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. الحديث (?). ويحتج أصحابنا بأنه لو كان خطب لنقل كما نقلت خطبة العيد وغيرها.
والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: أما كسوف القمر فقال مالك في المدونة تصلى ركعتين كالنافلة ويدعون ولا يجمعون. وقال عنه علي يفزع الناس في خسوف القمر إلى الجامع فيصلون أفذاذًا ويكبّرون ويدعون. قال أشهب يفزع إلى الصلاة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - والنافلة ركعتان. ومن أصل كتاب عبد العزيز بن أبي سلمة ذكر صلاة خسوف الشمس وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمّعهم فيها ولم يبلغنا أنه جمعهم لخسوف القمر. قال فنحن إذا كنا فرادى في خسوف القمر صلّينا هذه الصلاة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: فافزعوا إلى الصلاة (?). وذهب الشافعي إلى أن الصلاة تسن في خسوف القمر كما تسن في كسوف الشمس.
ودليلنا ما ذكر ابن حبيب عن ابن عباس أنه قال: خسف القمر بعهد النبي عليه السلام فلم يجمعنا إلى الصلاة معه كما فعل في خسوف الشمس فرأيته صلى ركعتين فأطالهما وما رأيته صلى نافلة بطولها ثم انصرف. ولأنها آية ليليّة