4 - ومتى مبدأ الإنصاف ومنتهاه؟.
5 - وهل ينكر على المتكلم والإمام يخطب؟.
6 - وما يحل محل الكلام في المنع؟.
فالجواب عن السؤال الأول: أن بقال: الانصات عندنا للخطبة واجب، والكلام حينئذ محرم. وبه قال عثمان وابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم وأبو حنيفة والأوزاعي وابن حنبل، وبه قال الشافعي في القديم. ورأى الامساك عن الكلام مستحبًا وليس بواجب، وهو قول عروة بن الزبير والنخعي والشعبي والثوري.
فدليلنا في وجوب الإنصاف قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا قلت لصاحبك أنصت والأمام يخطب فقد لغوت (?). قيل معناه فعلت اللغو الذي هو الإثم. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (?). فإذا نهى عن مثل هذا الكلام الذي هو تغيير منكر فنهيه عما سواه من الكلام المباح جنسه أولى. ولا يصح أن يقال يحتمل أن يكون المراد لغوت إذا أمرت بالإنصات من لايحب عليه لأن الإنصاف مأمور به، ولو كان الكلام مباحًا والتشاغل به عن لايحب عليه لأن الإنصاف مأمور به، ولو كان الكلام مباحًا والتشاغل به عن الإِمام سائغًالأولم يكن للخطبة معنى. إذ لا فائدة في خطاب من لا يفهم ما يقال له.
وقد استدل من قال: أن الإنصاف مستحب وليس بواجب، بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأومأ الناس إليه بالسكوت فلم يقبل وأعاد الكلام فلما كان في الثالثة قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويحك ما أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله. فقال: أنت مع من أحببت. فلو كان الكلام محرمًا لأنكره النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك أيضًا لم ينكر - صلى الله عليه وسلم - على سائله أن يستسقي (?). ولا يُسلم هؤلاء أن معنى لغوت أي أثمت أي
لأنه قد لا يكون اللغو إثمًا. قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ الله بِاللَّغْوِ في