فـ"أبجر" بسكون الموحدة وفتح الجيم: منادى، و"أنت" الأول منادى، وكان القياس أن يقول: يا إياك، لأنه مفعول حذف عامله، ولكنه أناب ضمير الرفع عن ضمير النصب، أو لأنه لما اطرد مجيئه بلفظ المرفوع جاز مجيئه بلفظ ضمير الرفع. وأجاب المانع عن المثال والبيت بأن "يا" فيهما للتنبيه لا للنداء، و"إياك" في المثال من باب الاشتغال، و"أنت" الأول في البيت مبتدأ، والثاني كذلك، أو توكيد، أو بدل، أو فصل، والموصول خبر. واتفقوا على أن ضمير المتكلم والغائب لا يجوز نداؤهما فلا يقال: يا أنا، ولا: يا إياي، ولا: يا هو، ولا: يا إياه.
"و" السادسة: "اسم الله تعالى" نحو: يا الله، "إذا لم يعوض في آخره الميم المشددة" عن حرف النداء، لأن نداء اسم الله تعالى على خلاف القياس، فلو حذف حرف النداء لم يدل عليه دليل، والحذف إنما يكون للدليل، "وأجازه بعضهم، وعليه قول أمية ابن أبي الصلت" الثقفي: [من الطويل]
693-
رضيت بك اللهم ربا فلن أرى ... أدين إلها غيرك الله راضيا
أي: يا الله، وأرى: من الرأي في الأمور، وأدين: مضارع دان بالشيء إذا اتخذه دينًا وديدنًا، أي عادة، والأصل: أن أدين، فحذفت "أن" فارتفع المضارع بعدها على حد قولهم: "تسمع بالمعيدي"1. وإلهًا: مفعوله. وراضيًا: منصوب بـ"رضيت" إما على الحالية من فاعله أو على المفعولية المطلقة على حد قولهم: قم قائمًا، أي: قيامًا، وعلى الوجهين فهو مؤكد له ما بينهما اعتراض، وربا: مفعول "رضيت". والمعنى: رضيت رضا بك ربا يا الله، فلن أرى أن أتخذ إلها غيرك يا الله.
"و" السابعة والثامنة: "اسم الإشارة واسم الجنس لمعين"، لأن حرف النداء في اسم2 الجنس كالعوض من أداة التعريف فحقه أن لا يحذف كما لا تحذف الأداة، واسم3 الإشارة في معنى الجنس فجرى مجراه. قاله الشارح4. "خلافًا للكوفيين فيهما،