ففي غاية البعد لأنك إن أردت بالرجل الأول زيدًا كعطف الشيء على نفسه تأكيدًا، فلا مانع منه إذا قصد الإطناب، وإن أردت بالرجل غير زيد كان كعطف الشيء على غيره، ولا مانع منه، ويصير على هذا التقدير مثل: قام رجل لا زيد، في صحة التركيب، وإن كان معنياهما1 متعاكسين، وللبحث فيه مجال. انتهى.

قال الزجاجي في كتاب معاني الحروف2: وأن لا يكون المعطوف عليه معمول فعل ماض، فلا يجوز عنده، جاءني زيد لا عمرو. قال: لأن العامل يقدر بعد العاطف، ولا يقال: لا جاء عمرو، إلا على الدعاء، ويرده أنه: لو توقفت صحة العطف على صحة تقدير العامل بعد العاطف لامتنع: ليس زيد قائمًا ولا قاعدًا. قاله في المغني3.

وجوابه أن علة المنع عنده ترجع إلى إلباس الخبر بالطلب، وهو الدعاء، وذلك لا يتأتى في مسألة "ليس". والحق أنه لا يشترط تقدير العامل بعد العاطف بدليل جواز: اختصم4 زيد وعمرو، ورأيت ابني زيد وعمرو، وإن زيدًا لا عمرًا قائمان. والدليل على صحة ما قلناه قول العرب: "جدك لا كدك"5 قيل في تفسيره: نفعك جدك6. و"قوله"؛ وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] .

679-

كأن دثارا حلقت بلبونه ... عقاب تنوفي لا عقاب القواعل

فعطف "عقاب العواقل" على "عقاب تنوفى" وهو فاعل فعل ماض، وهو "حلقت" ودثار، بالمثلثة: اسم راع، وحلقت: ذهبت، و"لبونه" بالإضافة: الإبل ذات اللبن، وعقاب: واحدة العقبان طائر معروف، وتنوفى: بفتح التاء المثناة فوق والفاء، كـ: جلولا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015