ثم كانت غير عاطفة عند الجمهور، خلافًا لابن جني1. وادعى ابن مالك أنها قد تدخل على المفرد، وحمل قولهم: إنها لإبل أم شاء، على ظاهره دون تقديره مبتدأ، واستدل بأنه قد سمع أن هناك: إبلا أم شاء، بالنصب، وهذا لا يعرف إلا من جهته2، وإن سلم فالتأويل3 ممكن بأن تكون متصلة وحذفت الهمزة، أو منقطعة وانتصب "شاء" بمحذوف أي: أم أرى شاء.

"أو" استفهامًا "إنكاريًّا كقوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ" وَلَكُمُ الْبَنُونَ} [الطور: 39] "أي" بل "أله البنات"، إذ لو قدرت الإضراب المحض لزم المحال، وهو الإخبار بنسبة البنات إليه، تعالى عن ذلك. "وقد لا تقتضيه" أي لا تقتضي "أم" المنقطعة الاستفهام "البتة"، لا حقيقيًّا ولا إنكاريًّا "نحو": {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ " أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ "} [الرعد: 16] "أي: بل" هل "تستوي"، ولا يقدر: بل أهل، "إذ لا يدخل استفهام على استفهام، وقول الشاعر": [من الطويل]

672-

فليت سليمى في المنام ضجيعتي ... هنالك أم في جنة أم جهنم

أي: بل في جهنم، "إذ لا معنى للاستفهام" هنا، لأنه للتمني، ونقل ابن الشجري4 عن جميع البصريين أن "أم" أبدًا بمعنى "بل" والهمزة جميعًا، وأن الكوفيين خالفوهم في ذلك. انتهى. وهذه الآية والبيت يشهدان للكوفيين، فإن "أم" فيهما بمعنى "بل" خاصة كما أنها بمعنى الاستفهام خاصة في قول الأخطل: [من الكامل]

673-

كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرباب خَيَالا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015