"ومثل ذلك جار في الخبر والصفة والحال"، فيعطف على جملة الخبر ما لا يصلح كونه خبرًا لخلوه من عائد على المبتدأ، وعكسه، فالأول "نحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63] فجملة "تصبح الأرض" بالرفع: معطوفة على جملة "أنزل" الواقعة خبر "أن". وكان القياس أن لا يصح العطف لخلوها من ضمير يعود على اسم "أن" إذ المعطوف على الخبر خبر، ولكنها لما قرنت بالفاء ساغ ذلك.

"و" الثاني نحو "قوله"، وهو ذو الرمة غيلان: [من الطويل]

666-

وإنسان عيني يحسر الماء تارة ... فيبدو وتارات يجم فيغرق

فـ"إنسان عيني": مبتدأ ومضاف إليه، و"يحسر الماء"، بالرفع: خبر المتبدأ، وهو لا يصلح كونه1 خبرًا، لخلوه من عائد يعود على المبتدأ لرفعه الظاهر، وهو "الماء" ولكن سوغ ذلك عطف "فيبدو" عليه، فإنه مشتمل على ضمير مستتر فيه يعود على المبتدأ. هذ قول ابن عصفور2. وقال المرادي في باب المبتدأ3: التحقيق أن الجملتين إذا عطفت إحداهما على الأخرى بالفاء التي للسببية تنزلتا منزلة الشرط والجزاء، فاكتفي بضمير واحد من إحداهما كما يكتفى بضمير واحد في جملة الشرط والجزاء، فإذا قلت: زيد جاء عمرو فأكرمه، فالارتباط وقع بالضمير الذي في الثانية: نص على ذلك ابن أبي الربيع، قال: لأنهما تنزلتا منزلة: زيد لما جاء عمرو أكرمه. فالإخبار إذن إنما هو بمجموعهما، والرابط إنما هو الضمير. انتهى كلام المرادي.

وقال الموضح في المغني4: كذا قالوا: والبيت يحتمل أن يكون أصله: يحسر الماء عنه: أي: ينكشف عنه. ونقل المكودي5 في باب الإضافة عن بعض النحاة أنه أجاز حذف "إن" الشرطية، وأنها حذفت ارتفع المضارع، واستشهد له بهذا البيت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015