"واعترض على" المعنى "الأول"، وهو الترتيب المعنوي، "بقوله تعالى: {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} " [الأعراف: 4] فإن الهلاك متأخر عن مجيء البأس في المعنى وهو متقدم في التلاوة، وذلك ينافي الترتيب الذي في الفاء. قاله الفراء1.

"و" اعترض أيضًا "بنحو: "توضأ فغسل وجهه ويديه" ومسح رأسه ورجليه"2 "الحديث". فإن غسل الأعضاء الأربعة متقدم في المعنى ومتأخر في الحديث، فلو كانت الفاء للترتيب لما حسن ذلك. "والجواب" من وجهين:

أحدهما: "أن المعنى" على إضمار الإرادة، والتقدير: "أردنا إهلاكها" فجاءها بأسنا، فمجيء البأس مترتب على الإرادة, "وأراد الوضوء" فغسل وجهه ... إلى آخره، فغسل الأعضاء الأربعة مترتب3 على إرادة الوضوء.

الوجه الثاني: أن الفاء فيهما للترتيب الذكري لا المعنوي.

والحاصل أن الجمهور يقولون بإفادتها الترتيب مطلقًا، والفراء يمنع ذلك مطلقًا، وقال الجرمي: لا تفيد الترتيب في البقاع ولا في الإمطار، بدليل: [من الطويل]

................................. ... ..... بين الدخول فحومل4

وقولهم: "مطرنا مكان كذا، فمكان كذا" إذا كان وقوع المطر فيهما في وقت واحد.

"و" اعترض "على" المعنى "الثاني" وهو التعقيب. "بقوله تعالى": {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى، " فَجَعَلَهُ غُثَاءً " أَحْوَى} [الأعلى: 4-5] فإن إخراج المرعى لا يعقبه جعله غثاء أحوى، أي: يابسًا أسود. "والجواب" من وجهين:

أحدهما: أن جملة "فجعله غثاء" معطوفة على جملة محذوفة، و"أن التقدير: فمضت مدة فجعله غثاء".

"و" الثاني: "بأن الفاء نابت5 عن: ثم"، والمعنى: ثم جعله غثاء، "كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015