فهذه ثلاث مراتب، وهي مختلفة في الكثرة والقلة، فمجيئها للمصاحبة أكثر، وللترتيب كثير، ولعكس الترتيب قليل، فتكون عد الاحتمال والتجرد من القرائن للمعية بأرجحية وللتأخر برجحان وللتقدم بمرجوحية. هذا مراد التسهيل1 وهو تحقيق للواقع لا قول ثالث2.
"وتنفرد الواو" من بين سائر حروف العطف "بأنها" تختص بأحد وعشرين حكمًا:
الأول: أنها "تعطف اسمًا على اسم لا يكتفي الكلام به" أي بالاسم المعطوف عليه "كـ: اختصم زيد وعمرو، وتضارب زيد وعمرو، واصطف زيد وعمرو"، وسواء زيد وعمرو، وجلست بين زيد وعمرو. فالمعطوف عليه3 في هذه الأمثلة، وهو زيد، لا يكتفى به، فلا يقال: اختصم زيد، وتضارب زيد، واصطف زيد، وسواء زيد، وجلست بين زيد، "إذ الاختصام والتضارب والاصطفاف والمساواة4 والبينية من المعاني النسبية التي لا تقوم إلا باثنين فصاعدًا"، والواو لمطلق الجمع، فلذلك اختصت بها، بخلاف غيرها من حروف العطف، وإلى ذلك يشير قول الناظم:
544-
واخصص بها عطف الذي لا يغني ... متبوعه................................
"ومن هنا" أي: من هذا المكان وهو اختصاص الواو بذلك "قال الأصمعي"، بفتح الميم، في قول امرئ القيس: [من الطويل]
659-
.......................................... ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
بالفاء في إحدى الروايتين: "الصواب أن يقال: بين الدخول وحومل، بالواو"، على