وذكر الفراء1 أنهم التزموا تذكير "قريب" إذا لم يرد قرب النسب قصدًا للفرق، هذا نقله في المغني2، ونقل غيره عن الفراء: إذا كان القرب في النسب كان التأنيث واجبًا بلا خلاف، تقول "هذه قريبة فلان"، ولا تقول "هذه قريب فلان"، وإذا كان القرب في المسافة التذكير والتأنيث، وقيل التذكير في الآية على المعنى؛ لأن الرحمة بمعنى الغفران والعفو، واختاره الزجاج3، وقيل بمعنى المطر قاله الأخفش4، وإياك أن تظن أن التذكير لكون التأنيث مجازيا؛ لأن ذلك وهم لوجوب التأنيث في نحو: "الشمس طالعة" وإنما يفترق حكم المجازي والحقيقي الظاهري لا المضمرين، قاله في المغني5 ردًا على الجوهري.
"ولا يجوز: قامت غلام هند" بتأنيث الفعل، "ولا: قام امرأة زيد" بتذكيره "لعدم صلاحية المضاف فيهما للاستغناء عنه بالمضاف إليه"، فلا يقال: "قامت هند" إذا كان القائم غلامها، ولا "قام زيد" إذا كان القائم امرأته، ومن ثم رد ابن مالك في التوضيح على الجامع الصحيح قول أبي الفتح6 في توجيهه قراءة أبي العالية: "لَا تَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا" [الأنعام: 158] بتأنيث الفعل: إنه من باب "قطعت بعض أصابعه"؛ لأن المضاف لو سقط هنا لقيل: "نفسًا لا تنفع" بتقديم المفعول ليرجع إليه الضمير المستتر المرفوع الذي ناب عن الإيمان في الفاعلية، ويلزم من ذلك تعدي فعل المضمر المتصل إلى ظاهره نحو قولك: "زيدًا ظلم"7، تريد أنه ظلم نفسه، وذلك لا يجوز، واقتصر الناظم على التصوير الأول فقال:
394-
وربما أكسب ثان أولًا ... تأنيثا إن كان لحذف موهلا
مسألة: ذهب البصريون إلى أنه "لا يضاف اسم لمرادفه كـ: ليث أسد، ولا" يضاف "موصوف إلى صفته كـ: رجل فاضل، ولا" تضاف "صفة لموصوفها كـ: فاضل رجل"، وشمل ذلك قول الناظم:
395-
ولا يضاف اسم لما به اتحد ... معنى.............................