"و" المعنى "الرابع: التنصيص على العموم أو لتوكيد1 التنصيص عليه، وهي الزائدة"، فالأول الداخلة على نكرة لا تختص بالنفي نحو: "ما جاءني من رجل"، فهي للتنصيص على العموم، ألا ترى أنه قبل دخول "من" يحتمل نفي الواحد2 ونفي الجنس على سبيل العموم، ولهذا يصح أن يقال: "بل رجلان"، وبعد دخولها يصير نصا في نفي الجنس على سبيل العموم، فيمتنع أن يقال: "بل رجلان". والثاني الداخلة على نكرة مختصة بالنفي وشبهه نحو: "ما جاءني من أحد" فهي لتأكيد التنصيص على العموم؛ لأن النكرة الملازمة للنفي تدل على العموم أيضًا، فزيادة "من" إنما أفادت مجرد التوكيد؛ "لأن "ما جاء أحد" و "ما جاء من أحد" سيان في إفهام العموم دون احتمال.

فإن قلت: إذا كانت "من" تفيد التنصيص فكيف تكون زائدة؟ أجيب بأن المراد من زيادتها كونها تأتي في موضع يطلبه العامل بدونها، فتصير مقحمة بين طالب ومطلوب، وإن كان سقوطها3 مخلا بالمعنى المراد، كما قالوا في "لا": إنها زائدة في قولهم: "جئت بلا زاد" مع أن سقوطها يخل بالمعنى.

"و" "من" الزائدة "لها ثلاثة شروط" عند الجمهور:

أحدها: "أن يسبقها نفي" بأي أداة كانت، "أو نهي" بـ"لا"، "أو استفهام بـ"هل"" خاصة، وفي إلحاق الهمزة بها نظر، وفي الارتشاف4: لو قلت كيف تضرب من رجل؟ أو متى تضرب من رجل؟ لم يجز. ا. هـ. ولعل الفرق أن "هل" لطلب التصديق دائمًا.

"و" الثاني: "أن يكون مجرورها نكرة" كما مر.

"و" الثالث: "أن يكون" مجرورها المنكر "إما فاعلا نحو: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر} " [الأنبياء: 2] فذكر فاعل "يأتيهم"، "أو مفعولًا" به "نحو: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} " [مريم: 98] فـ"أحد" مفعول "تحس"، "أو مبتدأ نحو: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} " [فاطر: 3] فـ"خالق" مبتدأ، و "غير الله" نعته على المحل، والخبر محذوف، تقديره: لكم، وليس "يرزقكم" الخبر؛ لأن "هل" لا تدخل على مبتدأ مخبر عنه بفعل على الأصح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015