ولكن لا نسلم أن الحذف مناف لذلك القصد؛ لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور بتوكيده بالمصدر؛ فلأن يجوز أن يقرر معنى العامل المحذوف لدلالة القرينة عليه أحق وأولى.

"وبأنه قد حذف جوازًا" إذا كان خبر اسم عين في غير تكرير ولا حصر "في نحو: "أنت سيرًا" ووجوبًا" مع التكرير أو الحصر في "أنت سَيْرًا سَيْرًا" و"ما أنت إلا سيرًا". "و" في غير ذلك "نحو: سقيا ورعيا" وحمدا وشكرًا لا كفرا، فمنع مثل هذا إما للسهو1 عن وروده، وإما للبناء على أن المسوغ لحذف العامل فيه نية التخصيص، وهو دعوى على خلاف الأصل، ولا يقتضيها فحوى الكلام، انتهى كلام ابنه في شرحه2.

وأجاب الشاطبي بأن ما قاله ابن الناظم غير لازم؛ لأنه إذا أريد تقرير معنى العامل فقد قصد الإتيان بلفظ آخر يقرر معنى اللفظ الآخر ويؤكده, فحذفه مع هذا القصد نقض للغرض، وأما ما استدل به فلا دليل فيه؛ لأن تلك المصادر لم تأت للتأكيد أصلًا، وإنما هي مصادر جعلت بدلًا من أفعالها، وعوضت منها، ففائدتها النيابة عن أفعالها، وإعطاء معانيها، لا تأكيدها فلو كانت مؤكدة لها لكانت مؤكدة لنفسها، والشيء لا يؤكد نفسه. انتهى ملخصًا مع اعترافه بأن "أنت سيرًا" للتوكيد. حيث قال في شرح قول الناظم:

294-

كذا مكرر...... ... ........................

وتقول في المؤكد: "أنت تسير سيرًا" فيظهر أيضًا؛ يعني العامل؛ ولهذا لم يتعقب الموضح كلام ابن الناظم بل أقره عليه، لكن إقراره على نحو: "سقيا" و"رعيا" مشكل، بل قال ابن عقيل3: إن ما قاله ابن الناظم ليس بصحيح، فإن جمع ما أتى به من الأمثلة ليست من المصدر المؤكد في شيء، وإنما هي من المصادر النائبة عن أفعالها. ا. هـ.

والحق أن المصدر النائب عن فعله من قسم المصدر المؤكد، وهو في معنى الاستثناء من قوله:

291-

وحذف عامل المؤكد امتنع ... ..................................

قاله الموضح في بعض حواشيه على الخلاصة.

"وقد يقام المصدر" المؤكد "مقام فعله" المستعمل أو المهمل "فيمتنع ذكره معه" أي: فيمتنع ذكر الفعل مع المصدر؛ لقيامه مقامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015