الأصل "قَدِي" فجيء بالتنوين بدلا من الياء "لترك الترنم"، على ما صرح به سيبويه1 وغيره من المحققين من أن الترنم؛ وهو التغني؛ إنما يحصل بأحرف الإطلاق لقبولها لمد الصوت بها، فإذا أنشدوا ولم يترنموا جاءوا بالنون في مكانها، في لغة تميم، أكثرهم أو جميعهم، وكثير من قيس، وأما الحجازيون فلا؛ لأنهم يَدَعون القوافي على حالها في الترنم، فعبر أولا بتنوين الترنم موافقة لابن مالك في شرح العمدة؛ نظرا إلى توجيه ابن يعيش2 ومن وافقه، وثانيا بترك الترنم موافقة للتسهيل؛ نظرا إلى ما صرح به سيبويه3 وأصحابه. وقد يبدل التنوين من حرف الإطلاق في غير القوافي، كقراءة بعضهم: "وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرٍ" [الفجر: 4] بالتنوين4 كما ذكره في المغني5 في حرف الكاف.
"وزاد بعضهم" وهو الأخفش والعروضيون، كما قاله في المغني، "التنوين الغالي، وهو اللاحق للقوافي المقيدة6"، أي: التي يكون حرف رويها ساكنا ليس حرف مد، والأعاريض المصرعة "زيادة على الوزن"، فهو في آخر البيت كالخزم7؛ بمعجمتين، في أوله، "ومن ثم سمي غاليا"، وسمى الأخفش الحركة التي قبل لحاقه غلوا8، وزعم ابن الحاجب أنه إنما سمي غاليا لقلته، ونفاه السيرافي والزجاج وزعما أن الشاعر زاد "أن" في آخر البيت إيذانا بتمامه، فضعف صوته بالهمزة. واختاره ابن مالك. قال الموضح: وفي هذا توهيم الأخفش والعروضيين وغيرهم بمجرد الظن، والمشهور تحريك ما قبله بالكسرة كما في "صه ويومئذ". واختار ابن الحاجب الفتح حملا على حركة ما قبل نون التوكيد، كـ"اضْرِبا"، وقال هو أشبه قياسا على ما له أصل في المعنى، ثم قال الموضح: وسمعت بعض العصريين يسكن ما قبله، ويقول: الساكنان يجتمعان في الوقف، وهذا خلاف ما أجمعوا عليه. وقد مضى أن الحركة قبله تسمى غلوا، واختلف مثبتوه تنوينا في فائدته، فقال