والجملة في محل نصب خبر "يكون"، واسمها مستتر فيها عائد على "الكرب"، و"قريب" نعت لـ"فرج"، وفي نتيجة القواعد لابن أياز "يكون" تامة و"وراءه" متعلق بها، ويجوز أن يكون "وراءه" في الأصل صفة لـ"قريب" ثم قدم عليه فانتصب حالًا، فيتعلق بمحذوف، وفيه ضمير وأجاز بعض المغاربة أن يكون حالًا من ضمير "قريب"، وفيه نظر، ا. هـ. ووجه النظر تقديم معمول الصفة على الموصوف، ولا يجوز أن يكون "فرج" مرفوعًا بـ"يكون" لا على التمام، ولا على النقصان؛ لأن ذلك يخلي "يكون من ضمير يعود على اسمها، وتقدم أن شرط خبر "عسى" أن يرفع الضمير أو السببي.
"وقوله" وهو أمية بن أبي الصلت الثقفي: [من المنسرح]
218-
"يوشك من فر من منيته ... في بعض غراتها يوافقها"
فـ"يوافقها" بالفاء فالقاف من الموافقة خبر "يوشك"، وهو مجرد من "أن" و"من فر" بمعنى: هرب، اسم "يوشك"، والمنية: الموت، والغرات بكسر الغين المعجمة، وتشديد الراء، جمع غرة، وهي الغفلة، والمعنى: أن من هرب من الموت في الحرب، يوشك أن يوافقه الموت في بعض غفلاته.
"وكاد وكرب بالعكس"، فيكون الغالب في خبرهما التجرد من "أن"؛ لأنهما يدلان على شدة مقاربة الفعل ومداومته، وذلك يقرب من الشروع في الفعل والأخذ فيه، فلم يناسب خبرهما أن يقترن بـ"أن" غالبًا، ويقل اقترانه بـ"أن" نظرًا إلى أصلهما، "فمن الغالب قوله تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] ، وقول الشاعر"، وهو كلحبة اليربوعي، وقيل رجل من طيئ: [من الخفيف]
219-
"كرب القلب من جواه يذوب" ... حين قال الوشاة هند غصوب