وارتفاع الخبر بالمبتدأ" عند سيبويه1، وإليه ذهب الناظم فقال:
117-
ورفعوا مبتدأ بالابتدا ... كذاك رفع خبر بالمبتدا
فإذا قلت: زيد أخوك، فـ"زيد" مرفوع بالابتداء، و"أخوك" مرفوع بـ"زيد"، وصح رفعه به وإن كان جامدا؛ لأن أصل العمل للطالب2، والمبتدأ طالب للخبر من حيث كونه محكوما به له طلبا لازما، كما أن فعل الشرط لما كان طالبا للجواب عمل فيه عند طائفة، وإن كان الفعل لا يعمل في الفعل. واعترض بأن المبتدأ قد يرفع الفاعل نحو: القائم أبوه ضاحك3، فلو كان رافعا للخبر لأدى إلى رفع شيئين لم يكن أحدهما تابعا للآخر. وأجيب بأن الجهة مختلفة؛ لأن طلبه للفاعل من حيث كون الفاعل محكوما عليه. وطلبه للخبر من حيث كون الخبر محكوما به له "لا" ارتفاعه "بالابتداء" وهو قول ابن السراج4، وصححه أبو البقاء. وحجة من قال به5 أن الابتداء رفع المبتدأ، فيجب أن يرفع الخبر؛ لأنه مقتض لهما، فهو كالفعل لما عمل
في الفاعل عمل في المفعول، "ولا" ارتفاعه "بهما"، أي: بالابتداء والمبتدأ. وحجة من قال به أن الابتداء عامل ضعيف، فقوي بالمبتدأ كما قوي حرف الشرط بفعله حين عملا جميعا في الجزاء عند طائفة، وهذه الأقوال الثلاثة عن البصريين.
"وعن الكوفيين6 أنهما"، أي: المبتدأ والخبر "ترافعا"، فرفع كل منهما الآخر. وحجتهم أن كل واحد منهما مفتقر إلى الآخر، فكان كل واحد منهما عاملا في صاحبه، كما أن "أيا" الشرطية
عامله في الفعل بعدها، وهو عامل فيها في نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110]
وهذه الأقوال كلها ضعيفة. أما الأول: فلأن الخبر قد يكون نفس المبتدأ في المعنى، نحو: زيد أخوك، فلو رفع "الأخ" بـ"زيد" كان رافعا لنفسه بنفسه.