وفعّال ومِفعال، فذكر هذا البيت لاشتماله على كليل للعدل به عن كالّ، وعلى عمِل المعدول به عن عامل، لم يتعرض لوقوع الإعمال. وإنما يحتج له في ثبوت إعمال فعيل بقول بعض العرب: إن الله سميع دعاء مَن دعاه. ورواه بعض الثقات. ومما يحتج له به قول الشاعر:
فتاتانِ أمّا منهما فَشبيهةٌ ... هِلالًا والأخرى منهما تُشْبِهُ البَدْرا
فأعمل شبيهة أنثى شبيه مع كونه من أشبه كنذير من أنذر. وإذا ثبت إعمال فعيل من أفعل مع قلة نظائره كان إعمال فعيل من الثلاثي أولى لكثرته. وأنشد سيبويه مستشهدا على إعمال فعِل قول الشاعر:
حذِرٌ أمُورا لاتَضيرُ وآمِنٌ ... ما ليس مُنْجِيَه من الأقْدار
وروي عن المازني أن اللاحقي قال سألني سيبويه عن شاهد في تعدّي فعِل فعملت له هذا البيت، وينسب مثل هذا القول إلى ابن المقفع، ولا اختلاف في تسمية هذا المدّعى بشعر بإنها موضوعة، ووقوع مثل هذا مستبعد، فإن سيبويه لم يكن يحتج بشاهد لا يثق بانتسابه إلى من يحتج بقوله، وإنما يحمل القدح في البيت المذكور على أنه من وضع الحاسدين وتقوّل المتقوّلين. وقد جاء إعمال فعِل فيما لا سبيل إلى القدح فيه وهو قول زيد الخيل:
أتاني أنّهم مَزِقون عِرْضى ... جِحاشُ الكرْمَلين لهم فَدِيدُ