مستصحبها في حالتي تذكيره وتأنيثه لأن تأنيثه بالتاء وهي في نية الانفصال. ولزم من تقييد اسم الفاعل بكونه صفة جارية خروج أمثلة المبالغة ولم يكن في ذلك ضير لأن اسم الفاعل غيرها، وجريانها في العمل مجراه سننبه عليه في موضعه إن شاء الله.
ولما كمل الكلام على حدّ اسم الفاعل نبهت على كيفية صوغه من الأفعال، وأعلمت أنه من الثلاثي المجرد على زنة فاعل كضارب وشارب، ومن غيره على زنة المضارع بكسر ما قبل آخره وزيادة ميم مضمومة موضع حرف المضارعة كمكرِم ومُعلِم ومتعلِّم ومستخرِج ومدحرِج ومطمئِن ومحرنجم.
وقالوا أنتن الشيء فهو مُنتن على القياس، وقالوا أيضا مِنتن بإتباع الميم العين.
وإليهما أشرت بقولي "وربما كسرت في مُفعل أو ضمت عينه" ومثل منتن قولهم في المُغيرة مِغيرة ثم قلت "وربما ضمت عين منفعل مرفوعا" فأشرت بذلك إلى قولهم هو منحدُر بضم الدال إتباعا للراء، حكاه أبو الفتح بن جني وغيره. ثم قلت "وربما استغني عن فاعل بمُفعِل وعن مُفعَل بمفعول فيما له فعل ثلاثي وفيما لا ثلاثي له" إلى حبّه فهو مُحِبّ ولم يقولوا حابّ. وأشرت بالثاني إلى قولهم أحزنه الأمر فهو محزون، فأغناهم عن محزن، وكذا أحبه فهو محبوب أغناهم عن مُحَب. وندر قول عنترة:
ولقد نزلتِ فلا تظني غيره ... منّي بنمزلة المُحبِّ المكْرَمِ
وأشرت بما لا ثلاثي له إلى قول الشاعر:
معى رُدَيْنيُّ أقوام أرُدّ به ... عن عِرْضهم وفَرِيصي غير مَرْعُود
ولم يقولوا رعد الفرائص، وإنما قالوا أرعدت. ثم قلت "وربما استغني عن مُفعِل بفاعل ونحول، أو بمُفْعَل" فأشرت إلى قولهم أيفع الغلام إذا شب فهو يافِع، وأورس الرِّمث، وهو شجر إذا اصفر فهو وارس. وأشرت بقولي "ونحوه" إلى قولهم أعقت الفرس فهي عقوق إذا حملت. وأحصرت الناقة إذا ضاق مجرى لبنها فهي حصور. وأشرت بقولي "أو بمفعَل" إلى قولهم أسهب الرجل في الكلام إذا أكثر فهو