إضافته معنى من أشبه بذي الألف واللام منه بالعاري، فإجراؤه مجرى ذي الألف واللام أولى من إجرائه مجرى العاري. فإذا لم يعط الاختصاص بجريانه مجراه فلا أقلّ من أن يشارك، والإلزام ترجيح أضعف الشبهين، أو ترجيح أحد المتساويين دون مرجح.

وقد يستعمل العاري الذي ليس معه من مجردا عن التفضيل مؤولا باسم فاعل كقوله تعالى: (هوأ علمُ بكم إذ أنشأكم من الأرض) ومؤولا بصفة مشبهة كقوله تعالى: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيدُه وهو أهونُ عليه) فأعلم هنا بمعنى عالم إذ لا مشارك لله تعالى في علمه بذلك، وأهون بمعنى هيّن إذ لا تفاوت في نسب المقدورات إلى قدرته تبارك وتعالى. ومن ورود أفعل مؤولا بما لا تفضيل فيه قول الشاعر:

إنَّ الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعزُّ وأطولُ

أي عزيزة وطويلة. ومنه قول الشنفري:

وإن مُدّتِ الأيدي إلى الزاد لم أكنْ ... بأعْجلهم إذْ أجشعُ القوم أعْجلُ

أراد لم أكن عجلًا، ولم يرد أكن أكثرهم عجلة، لأن قصد ذلك يستلزم ثبوت العجلة غير الفائقة وليس غرضه إلا التمدّح بنفي العجلة قليلها وكثيرها. وأجاز أبو العباس محمد بن يزيد استعمال أفعل مؤوّلا بما لا تفضيل فيه قياسا. والأولى أن يمنع فيه القياس ويقتصر منه على ما سمع، والذي سمع منه فالمشهور فيه التزام الإفراد والتذكير إذا كان ما هو له مجموعا لفظا ومعنى كقوله تعالى: (أصحابُ الجنّة يومئذٍ خيرٌ مستقرًّا وأحسنُ مقيلا) أو لفظا لا معنى كقوله تعالى: (نحن أعلم بما يستمعون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015