ص: يصاغ للتفضيل موازن أفعَلَ، اسما مما صيغ منه في التعجب فعلا على نحو ما سبق من اطراد وشذوذ، ونيابة أشد وشبهه. وهو هنا اسم ناصب مصدر المحوج إليه تمييزا. وغلب حذف همزة أخير وأشر في التفضيل وندر في التعجب. ويلزم أفْعَل التفضيل عاريا الإفراد والتذكير وأن يليه أو معموله المفضول عليه مجرورا بمن. وقد يسبقانه، ويلزم ذلك إن كان المفضول اسم استفهام أو مضافا إليه. وقد يفصل بين أفعل و"من" بلو وما اتصل بها. ولا يخلو المقرون بمن في غير تهكم من مشاركة المفضل في المعنى، أو تقدير مشاركته. وإن كان أفعل خبرا حذف للعلم به المفضول غالبا، ويقل ذلك إن لم يكن خبرا. ولا تصاحب "مِن" المذكورة غير العاري إلا وهو مضاف إلى غير معْتدّ به أو ذو ألف ولام زائدتين، أو دال على عار متعلق به من.
ش: قد تقدم أن أفعل المتعجب به يناسب أفعل التفضيل وزنا ومعنى، وأن كل واحد منهما محمول على الآخر فيما هو أصل فيه. ومن أجل تناسبهما سوّت العرب بينهما في أن يصاغ كل واحد منهما مما صيغ منه الآخر، وألا يصاغ مما لا يصاغ. وقد بيّن في التعجب أن فعله لا يبنى دون شذوذ إلا من فعل ثلاثي مجرد تام مثبت متصرف قابل معناه للكثرة غير مبني للمفعول ولا معبّر عن فاعله بأفعل فعلاء. فكذلك أفعل التفضيل لا يبنى دون شذوذ إلا من فعل مستوف للقيود المذكورة. فيقال في بنائه من كتب وعلم وظرف: هو أكتبُ منه وأعلمُ وأظرفُ، كما قيل في التعجب: ما أكتبه وأعلمه وأظرفه .. ويحكم في هذا ونحوه بالاطراد، لأنه من فعل مستوف للقيود.
ويحكم بالشذوذ فيما لا فعل له، وفيما له فعل لم يستوف القيود، كما فعل في التعجب. فمن أمثلة أفعل التفضيل الذي لا فعل له قولهم هذا أصبر من هذا، أي أمرّ و"هو ألصُّ من شِظاظ" أي أعظم لصوصية. وشظاظ اسم رجل من ضبة.