ألا حبّذا قومًا سُلَيْمٌ فإنّهم ... وَفَوا إذْ تواصوا بالإعانة والنَّصْر
ومن تأخير التمييز على المخصوص قول رجل من طيء:
حبّذا الصبرُ شيمةً لامرئ را ... مَ مُباراة مُولَع بالمعالي
وقد يقع موقع هذا التمييز حال، كقولك حبذا زيد مقصودا وقاصدا، ولا حبذا عمرو صادرا ولا واردا.
ومنه قول الشاعر:
يا حبَّذا المالُ مَبذولا بلا سَرَف ... في أوْجُهِ البرّ إسْرارًا وإعْلانا
والتزم بعض المتأخرين كون المنصوب بعد "ذا" تمييزا، وليس ذلك ملتزما، لأن الحال قد أغنت عنه في النظم والنثر، وقد تقدم ذكر ذلك. وقد يستغنى هنا عن المخصوص لظهور معناه، فمن الاستغناء عنه قول بعض الأنصار رضي الله عنهم:
باسمِ الإلهِ وبه بَدينا ... ولو عَبدْنا غيرَه شَقينا ... فحبّذا ربّا وحَبّ دِينا
فاستغنى عنه هنا بذكر التمييز. وقد يستغنى عنه دون تمييز كقول الشاعر:
ألا حَبَّذا لولا الحياءُ ورُبَّما ... منحتُ الهوى ما ليس بالمتقاربِ
وقد تفرد حب فيجوز حينئذ أن تفتح حاؤها استصحابا لحالها، وأن تجعل عليها الضمة التي كانت للعين فيقال حبّ زيد وحُبَّ زيد. وهذا النقل جائز في كل فعل على فَعُل مقصود به التعجب كقول الشاعر:
حُسْن فِعْلا لقاءُ ذي الثروة المُمَـ ... ـــلَّق بالبشر والعطاء الجَزيل