يا ليت شعري هل يُقْضى انقضاء نوًى ... فيجمعُ اللهُ بين الرُّوح والجَسَدِ

وكقول امرئ القيس:

ألا رُبَّ يومٍ لك منهنّ صالحٍ ... ولا سيّما يومٌ بدارة جُلْجل

وكقوله:

فيا رُبّ مكروب كرَرْتُ وراءَه ... وطاعَنْتُ عنه الخيلَ حتّى تَنَفَّسا

وذهب قوم إلى أن حب إذا ضم إليها ذا نزل منها منزلة حرف زائد في الفعل وصار المجموع فعلا مفتقرا إلى فاعل، فجعل المخصوص فاعلا. فإذا قيل حبذا زيد فحبذا بمجموعه فعل وفاعله زيد، وهو قول في غاية من الضعف، لأنه مؤسس على دعوى مجردة عن الدليل، مع ما فيه من تغليب أضعف الجزءين على أقواهما، ومن ادعاء تركيب فعل من فعل واسم، ولا نظير لذلك، بل المعروف تركيب اسم من فعل واسم كبرق نحره، وتأبط شرا.

والصحيح أن حب فعل يقصد به المحبة والمدح وجعل فاعله ذا، ليدل بذلك على الحضور في القلب، ولم يغيرا لجريانهما مجرى الأمثال. فإن قصد بهما بغض وذم قيل لا حبذا، كما قال الشاعر:

ألا حبَّذا عاذري في الهوى ... ولا حبَّذا الجاهِل العاذِلُ

وقال الآخر:

لا حبَّذا أنتِ يا صنعاءُ من بلدٍ ... ولا شعوبُ هوًى منّي ولا نُقُم

وإلى هذا أشرت بقولي: "وتدخل عليهما لا فتحصل موافقة بئس معنى".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015