ومن المسوغات أن يكون قبل صاحب الحال نفي كقوله تعالى (وما أهلكنا من قريةٍ إلّا ولها كتابٌ معلومٌ)، فلها كتاب معلوم جملة حالية مقرونة بواو الحال، وصاحب الحال قرية، وحسن جعله صاحب حال مع أنه نكرة محضة تقدم النفي عليه، كما حسّن الابتداء به في نحو: ما قرية إلا لها كتاب معلوم. وقد مضى في باب الاستثناء الكلام على هذه الآية، وإبطال رأي الزمخشري فيها. وأن من أمثال أبي علي في التذكرة: ما مررت بأحد إلا قائما إلا أخاك، فجعل قائما حالا من أحد لاعتماده على المنفي، وأبطل جعله صفة بعد أحد، لأن إلا لا تعترض بين الصفة والموصوف.
ومن مسوغات جعل صاحب الحال نكرة وقوعه بعد نهي أو استفهام، وإليهما أشرت بقولي "ما لم يختص أو يسبقه نفي أو شبهه". ومن مجيء ذلك بعد النهي قول قطري:
لا يَركنَنْ أحدٌ إلى الإحجام ... يومَ الوغى مُتخوِّفا لحِمامِ
ومن مجيء ذلك بعد الاستفهام:
يا صاحِ هل حُمّ عيش باقيا فترى ... لنفسك العذرَ في إبعادها الأملا
ومن مسوغات جعل صاحب الحال نكرة تقدم الحال كقولك: هذا قائما رجل. قال سيبويه بعد تمثيله بهذا المثال: (لما لم يجز أن توصف الصفة بالاسم وقبح أن تقول فيها قائم فتضع الصفة موضع الاسم كما قبح مررت بقائم وأتاني قائم، جعلت