وليس ولا يكون المستثنى بهما هما الرافعان الاسم الناصبان الخبر، فلذا يجب نصب ما استثنى بهما لأنه الخبر، ولوقوعهما موقع إلا التزم حذف اسمهما لئلا يفصلهما من المستثنى فيجهل قصد الاستثناء. ومن شواهد الاستثناء بليس قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يُطْبع المؤمنُ على كل خُلُق ليس الخيانة والكذبَ" أراد إلا الخيانة والكذب، فأوقع ليس موقع إلا، [وتقول قام القوم ليس زيدا] وأصله: ليس بعضهم زيدا، وكذلك إذا قلت قاموا لا يكون زيدا، معناه إلا زيدا، وأصله لا يكون بعضهم زيدا. وكذا يقدّر أكثر النحويين فاعل عدا وخلا، وفيه ضعف؛ لأن قولك قاموا عدا زيدا إن جُعل تقديره جاوز بعضهم زيدا لم يستقم، إلا بأن يراد بالبعض مَن سوى زيد، وهذا وإن صحّ إطلاق البعض على الكل إلا واحدا فلا يحسن لقلته في الاستعمال.

فالأجود أن يجعل الفاعل مصدر ما عمل في المستثنى منه، فيقدّر قاموا عدا زيدا، جاوز قيامهم زيدا ويستمرّ على هذا السنن أبدا إذا دعتْ إليه حاجة. وأما المرفوع بليس ولا يكون فلا يقدّر إلا بعضا مضافا إلى ضمير المستثنى منه، فلذلك لا يختلف اللفظ بهما، فيقال جاءني القوم لا يكون زيدا وأتوني ليس عمرا، ومررت بالنساء لا يكون فلانة وليس فلانة، والتقدير لا يكون بعضهم زيدا وليس بعضهم عمرا، ولا يكون بعضهم فلانة وليس بعضهم فلانة. وهذا هو القياس؛ ألا يتحمّل ليس ولا يكون ضميرا يطابق ما تقدّم، لأن الاستثناء مقدّر الاستئناف. وإن جعلتهما وصفا للمستثنى منه ألحقتهما ما يلحق الأفعال المتصرفة إذا وصفت بها من ضمير يطابق الموصوف ومن علامة تأنيث إن كان مؤنثا، ولا يكون الموصوف إلا نكرة أو معرّفا تعريف الجنس لا تعريف العهد، وذلك قولك أتتني امرأة لا تكون فلانة، وأتاني القوم ليسوا إخوتك، وهما من أمثلة أبي العباس مثّل بهما بعد أن قال: وإن جعلته وصفا فجيّد. وكان الجرميّ يختاره.

فصل: ص: يستثنى بغير، فتجرّ المستثنى معربةً بما له بعد إلا، ولا يجوز فتحها مطلقا لتضمّن معنى إلا خلافا للفراء. بل قد تفتح في الرفع والجر لإضافتها إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015