لزيد. وقرأ ابن مسعود "حاشى الله" بالإضافة، فهذا مثل سُبْحانَ الله ومعاذَ اللهِ. وأما القراءة المشهورة "حاشى لله" بلا تنوين. فالوجه فيها أن يكون حاشا مبنيا لشبهه بحاشى الذي هو حرف، فإنه شبيه به لفظا ومعنى فجرى مجراه في البناء كما جرى "عن" في قوله: - من عن يميني تارة وأمامي ? مجرى عن في نحو رويت عن زيد وأعرضت عن عمرو. وقيل حاشا كثيرا وحاشا قليلا. واستدل المبرد على فعلية حاشا بقول النابغة: ولا أحاشِي من الأقوام من أحد

وهذا منه غلط لأن حاشا إذا كانت فعلا وقُصد بها الاستثناء فهي واقعة موقع إلا ومؤدية معناها، فلا تتصرف كما لا تتصرف عدا وخلا وليس ولا يكون، بل هي أحق بمنع التصرف، لأن فيها مع مساواتها الأربع شبها بحاشا الحرفية لفظا ومعنى.

وأما أحاشي فمضارع حاشيت بمعنى استثنيت وهو فعل متصرف مشتق من لفظ حاشى المستثنى بها كما اشتق سوّفت من لفظ سوف، ولويت من لفظ لولا، ولاليت من لفظ لا، وأيّهت من لفظ أيّها، وأمثال ذلك كثيرة. وفعلية عدا أشهر من حرفيتها ولذلك قال سيبويه: "وما جاء من الأفعال فيه معنى إلا فلا يكون وليس وعدا وخلا" ثم قال: وما فيه ذلك المعنى من حروف الإضافة وليس باسم فحاشا وخلا في بعض اللغات. وسوَّى المبرّد بين خلا وعدا في الفعلية ثم قال: وقد تكون خلا حرف خفض فتقول حاشى القوم خلا زيد مثل سوى زيد. وأنشد غيرهما في حرفية عدا والخفض بها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015