مع إلا في موضع يصح أن تقع فيه عاطفة وأنكر قوله ابن خروف وهو بالإنكار حقيق، فإن العرب استعملت الواو بمعنى مع في مواضع لا يصلح فيها العطف وفي مواضع يصلح فيها. والمواضع التي لا يصلح فيها العطف على ضربين: أحدهما ترك فيه العطف لفظا ومعنى، والثاني استعمل فيه العطف لمجرد اللفظ، كاستعمال النعت على الجوار، فمن الأول قولهم استوى الماء والخشبة، وما زلتُ أسيرُ والنيلَ. ومنه قول الشاعر في وصف رجل مات معانق امرأة لقيها بعد فراق:

فكان وإياها كحرّان لم يُفقْ ... عن الماءِ إذا لاقاهُ حتى تقدّدا

ومن الثاني قولهم أنت أعلم ومالُكَ، أي أنت أعلم مع مالك كيف تدبره ومالك معطوف في اللفظ ولا يجوز رفعه على القطع وإضمار الخبر، لأن المال لا يخبر عنه بأعلم. وشرط عطف المبتدأ المضمر خبره أن يكون خبره مثل خبر المعطوف عليه.

وأما قولهم: أنت أعلم وعبد الله فيحتمل ثلاثة أوجه:

أحدها أن تكون الواو بمعنى "مع" وعطف بها في اللفظ مبتدأ حذف خبره وجوبا لوقوعه موقع المجرور بمع وللاستطالة. والثاني أن تكون الواو لمجرد العطف وعبد الله مبتدأ محذوف الخبر جواز، والتقدير أنت أعلم بعبد الله وعبد الله أعلم بك، ثم دخله الحذف كما دخل في نحو أأنت خير أم زيد؟ والأصل أأنت خير من زيد أم زيد خير منك. والثالث أن يكون عبد الله معطوفا على أنت وأعلم خبر عنهما كأنه قال: أنت وعبد الله أعلم من غيركما. وأما وقوع الواو بمعنى "مع" في موضع يصلح للعطف فكثير، وفيه تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

ص: ولا يتقدم المفعول معه على عامل المصاحب باتفاق ولا عليه خلافا لابن جني. ويجب العطف في نحو أنت ورأيُك، وأنت أعلمُ ومالُك. والنصب عند الأكثر في نحو مالك وما شأنك وعمرا، والنصب في هذين ونحوهما بكان مضمرة قبل الجار أو بمصدر "لابس" منويا بعد الواو. ولا بلابس خلافا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015