الشاعر:
أما النهارُ ففي قَيْدٍ وسلْسلَةٍ ... والليلُ في جوفٍ مَنْحوتٍ من الساجِ
يعني نفسه وكان مأسورا، فأخبر أن نهاره مقيد وليله مسجون مبالغة. ويضاف المصدر إلى الظرف المتوسَّع فيه على الوجهين، فإضافته على تقديره فاعلا كقوله تعالى: (بل مكرُ الليلِ والنهارِ إذْ تأمروننا) كان الأصل ليلكم ونهاركم ماكران ثم أضيف المصدر إلى المخبر عنه بمعناه مجازا، كما يضاف إلى المخبر عنه بمعناه حقيقة، وإضافته إليه على تقديره مفعولا به كقوله تعالى (للذين يُؤْلون من نسائِهم تربُّصُ أربعةِ أشهُر) أي إمضاء أربعة أشهر بتربّص. وكما أضيفَ إليه المصدر على تأويل الفاعلية وعلى تأويل المفعولية أضيف إليه بلفظ اسم الفاعل واسم المفعول، فمن الأول:
يا سارقَ الليلةِ أهلَ الدارِ
ومن الثاني: يا مسروق الليلة أهل الدار ? ذكرها سيبويه.
وإذا ثبت من كلامهم التوسع بجعل الظرف المتصرف فاعلا ومفعولا به ومضافا إليه على معنى الفاعلية والمفعولية لزم من ذلك جواز الحكم عليه في حال النصب بأنه مفعول به تجوّزا ما لم يمنع من ذلك مانع. وتظهر فائدة ذلك في إضماره مستغنيا عن لفظ "في" فإن الظرف أصله أن يكون مظروفا بلفظها فاستغنى عن لفظها بمعناها مع الظاهر، ولزوم الرجوع إلى الأصل مع الضمير، لأن الإضمار يردّ الشيء إلى أصله، ولذلك لزم مَن يقول: لدُ زيد أن يقول من لدنه، بردّ النون، ولزم