أن الساكن العين حرف. وهذا منه عجب، لأنَّ كلام سيبويه مشعر بلزوم الاسمية على كل حال، وأن الشاعر إنما سكّنها اضطرارا.
ومن الظروف العادمة التصرف "بَيْنَ بَيْنَ" كقول الشاعر:
نَحْمي حقيقتَنا وبَعْـ ... ـــضُ القوم يَسْقُط بين بَيْنا
والأصل بين هؤلاء وبين هؤلاء، فأزيلت الإضافة ورُكّب الاسمان تركيب خمسةَ عشرَ، فلو أُضيف الصدرُ إلى العجُز جاز بقاء الظرفية وزوالها، فبقاؤها كقولك: من أحكام الهمزة التسهيل بينَ بينَ، وزوالها كقولك: بَيْنَ بَيْنَ أقيس من الإبدال. فإن أضيف إليهما تعين زوال الظرفية ولذلك خطأ ابنُ جنّي مضن قال همزةُ بينَ بينَ بالفتح، وقال: الصواب أن يقال همزة بين بينٍ بالإضافة. والأصل وقوع "بين" مفردا ظرفا لمتوسط في مكان أو زمان ملازما للإضافة إلى ما يتوسط فيه منهما.
وإذا خلا من التركيب والوصل بما والألف لم يلازم الإضافة والظرفية. وقد تقدم التنبيه على ذلك.
ومن ظروف المكان العادمة التصرف الملازمة للإضافة حوال وتثنيته، وحول وتثنيته وجمعه، فالأول كقول الشاعر:
أهَدَموا بَيْتكَ لا أبا لكا ... وأنا أمْشِي الدَّأَلَى حَوالَكا
والثاني كقول النبي صلى الله عليه وسلم "حَوالَيْنا ولا عَلينا" والثالث كقوله تعالى: (فلمّا أضاءتْ ما حوْلَهُ) والرابع كقول الراجز:
يا إبلي ما ذامُه فتابَيهْ ... ماءٌ رواء ونَصِيُّ حَوْلَيهْ