لفظه قول من قال: بلى وجاذا، حين قيل له أفي مكان كذا وجذ بإضمار أعرف، لأن قوله أفي مكان كذا وَجْذ بمعنى أتعرف فيه وجذا. ومثال الاستغناء عن الفعل المسئول عن متعلقه قوله تعالى (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربُّكم قالوا خيرا) فنصب خيرا بأنزل مضمرا.
ومثال الاستغناء عن الفعل في طلب قولهم: ألا رجل إما زيدا وإما عمرا، يريدون اجعله زيدا أو عمرا. ومنه قولهم: "اللهمَّ ضَبُعا وذِئْبا" بمعنى اجمع فيها ضبعا وذئبا. ومثال الاستغناء عن الفعل في الرد على نافيه قولك لمن قال ما لقيت أحدا: بلى زيدا بإضمار لقيت. ومثال الاستغناء عن الفعل في الرد عن الناهي عنه قولك لمن قال لا تضرب أحدا: بلى من أساء بإضمار أضرب. ومثال الاستغناء عن الفعل في الرد على الأمر به قولك لمن قال تعلّمْ لغة: لا بل نَحْوا بإضمار تعلّمْ. ومثال الاستغناء عن الفعل في الردّ على مثبته قولك لمن قال ضرب زيد عمرا: لا بل عامرا بإضمار ضربَ، فهو ردّ على وفق اللفظ.
وأما الردّ على وفق المعنى دون اللفظ فكقوله تعالى: (وقالوا كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيمَ) أي بل نتبع ملة إبراهيم، فأضمر نتبع لأن معنى كونوا هودا أو نصارى اتبعوا ملة اليهود وملة النصارى، فالإظهار والإضمار جائزان في أمثال هذه المسائل قياسا.
فإن كان الذي اقتصر فيه على المفعول مَثَلا أو جاريا مجرى المثل في كثرة الاستعمال امتنع الإظهار ولزم الاقتصار، والمثل كقولهم "كلَّ شيء ولا شتيمةَ حُرّ" أي ايت ولا ترتكب، و"هذا ولا زَعماتك" أي ولا أتوهم. و"كليهما