تقدير سيبويه، فإن تقديره عنده: وفيما يُتلى عليكم السارق والسارقة، ولولا ذلك لكان النصب مختارا، لأن الفعل المشتغل إذا كان أمرا أو نهيا ترجح النصب. والباء من قولي "بجائز العمل" متعلقة بقولي "انتصب".

ونبّهت بذلك على أن شرط انتصاب المشتغل عنه بالعامل صحة تسلطه عليه لو عدم الشاغل. فخرج بذلك فعل التعجب نحو زيد ما أحسنه، وأسماء الأفعال نحو زيد تراكه، وأفعل التفضيل نحو زيد أكرم منه عمرو، فليس للاسم المتقدم على هذه إلا الرفع، لأنها لا تعمل فيما تقدم، وما لا يعمل لا يُفسّر عاملا على الوجه المعتبر في هذا الباب. والوجه المعتبر في هذا الباب كون العامل المشغول عوضا في اللفظ من العامل المضمر دليلا عليه، ولكونه عوضا امتنع الإظهار، إذ لا يجمع بين العوض والمعوض منه، ولكونه دليلا لزم أن يكون موافقا في المعنى أو مقاربا، فلو قصدت الدلالة دون التعويض لم تكن المسألة من باب الاشتغال كقول الشاعر: يأيُّها المائحُ دَلْوِي دُونَكا

فدلوي منصوب بعامل مقدر مدلول عليه بالملفوظ، نص على ذلك سيبويه.

وليس الملفوظ به عوضا من المقدر، فلو جمع بينهما لم يمتنع، فالحاصل أن المجعول دليلا دون تعويض لا تلزم صلاحيته للعمل في موضع دلالته، بخلاف المجعول دليلا وعوضا. ومن كلام العرب: البَهْمَ أين هو؟ فنصب قائل هذا "البَهْمَ" بفعل مضمر وجعل هو دليلا عليه مع عدم صلاحيته للعمل.

ونبّهت أيضا على ما يعرض للعامل الجائز العمل فيما قبله مما يجعله ممنوع العمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015